{مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} أي: مقيمين فيه.
{وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا}.
{مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَآئِهِمْ}، أي: قالوه عن جهل لا عن علم، {كَبُرَتْ}، أي: عظمت، {كَلِمَةً}، نصب على التمييز، يقال تقديره: كبرت الكلمةُ كلمةً. وقيل: من كلمة، فحذف "مِنْ" فانتصب، {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} أي: تظهر من أفواههم، {إِن يَقُولُونَ}، ما يقولون، {إِلاَّ كَذِبًا}.
{فَلَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِمْ}، من بعدهم، {إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ}، أي: القرآن، {أَسَفاً}، أي حزناً وقيل غضباً.
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا}، فإن قيل: أي: زينة في الحيّات والعقارب والشياطين؟.
قيل: فيها زينة على معنى أنها تدل على وحدانية الله تعالى.
وقال مجاهد: أراد به الرجال خاصة، وهم زينة الأرض. وقيل: أراد بهم العلماء والصلحاء. وقيل: الزينة بالنبات والأشجار والأنهار، كما قال:
{ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ } [يونس: 24].
{لِنَبْلُوَهُمْ}، لنختبرهم، {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، أي: أصلح عملاً. وقيل: أيهم أترك للدنيا.
{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً}، فالصعيد وجه الأرض. وقيل: هو التراب، {جُرُزاً} يابساً أملس لا ينبت شيئاً. يقال: جرزت الأرض إذا أُكل نباتها.
قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ ءَايَـٰتِنَا عَجَبًا}، يعني: أظننتَّ يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً، أي هم عجب من آياتنا.
وقيل: معناه إنهم ليسوا بأعجب من آياتنا، فإن ما خَلَقْتُ من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب منهم.
و"الكهف": هو الغار في الجبل. واختلفوا في "الرقيم": قال سعيد بن جبير: هو لوح كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وقصصهم ـ وهذا أظهر الأقاويل ـ ثم وضعوه على باب الكهف، وكان اللوح من رصاص، وقيل: من حجارة، فعلى هذا يكون الرقيم بمعنى المرقوم، أي: المكتوب، والرَّقْم: الكتابة.
وحكى عن ابن عباس أنه اسم للوادي الذي فيه أصحاب الكهف، وعلى هذا هو من رقمة الوادي، وهو جانبه.
وقال كعب الأحبار: هو اسم للقرية التي خرج منها أصحاب الكهف.
وقيل: اسم للجبل الذي فيه الكهف. ثم ذكر الله قصة أصحاب الكهف، فقال: {إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ}.