التفاسير

< >
عرض

وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً
٥٥
وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً
٥٦
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً
٥٧
-الكهف

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ }، القرآن، والإِسلام، والبيان من الله عزّ وجلّ، وقيل: إنه الرسول صلى الله عليه وسلم. { وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ }، يعني: سنتنا في إهلاكهم إن لم يؤمنوا.

وقيل: إلا طَلَبُ أن تأتيهم سنة الأولين من معاينة العذاب، كما قالوا: { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32].

{ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً }، قال ابن عباس: أي: عياناً من المقابلة. وقال مجاهد: فجأة، وقرأ أبو جعفر وأهل الكوفة: { قبلاً } بضم القاف والياء، جمع قبيل أي: أصناف العذاب نوعاً نوعاً.

{ وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَـٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَـٰطِلِ }، ومجادلتهم قولهم: { أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً } [الإسراء: 94]. و { لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31]، وما أشبهه. { لِيُدْحِضُواْ }، ليبطلوا، { بِهِ ٱلْحَقَّ }، وأصل الدحض الزلق يريد ليزيلوا به الحق، { وَٱتَّخَذُوۤاْ ءايَاتِى وَمَا أُنذِرُواْ هُزُواً }، فيه إضمار يعني وما أنذروا به وهو القرآن، هزواً أي استهزاء.

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ }، وعُظ، { بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعرَضَ عَنْهَا }، تولى عنها وتركها ولم يؤمن بها، { وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ }، أي: ما عمل من المعاصي من قبل، { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً }، أغطية، { أَن يَفْقَهُوهُ }، أي: يفهموه يريد لئلا يفهموه، { وَفِى ءَاذَانِهِمْ وَقْراً }، أي صمماً وثقلاً، { وَإِن تَدْعُهُمْ }، يا محمد { إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ }، إلى الدين، { فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً }، وهذا في أقوام علم الله منهم أنهم لا يؤمنون.