التفاسير

< >
عرض

فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً
١١
يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً
١٢
وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً
١٣
-مريم

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ }، وكان الناس من وراء المحراب ينتظرونه أن يفتح لهم الباب فيدخلون ويصلون، إذْ خرج عليهم زكريا متغيِّراً لونه فأنكروه، فقالوا: مالك يا زكريا؟ { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ } فأومأ إليهم، قال مجاهد: كتب لهم في الأرض، { أَن سَبِّحُواْ }، أي: صلُّوا لله، { بُكْرَةً }، غدوة، { وَعَشِيّاً }، ومعناه: أنه كان يخرج على قومه بكرةً وعشياً فيأمرهم بالصلاة، فلما كان وقت حمل امرأته ومنع الكلام حتى خرج إليهم فأمرهم بالصلاة إشارة.

قوله عزّ وجلّ: { يَٰيَحْيَىٰ }، قيل: فيه حذف معناه: ووهبنا له يحيـى وقلنا له: يا يحيـى، { خُذِ ٱلْكِتَـٰبَ }، يعني التوراة، { بِقُوَّةٍ }، بجد، { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: النبوّة، { صَبِيّاً }، وهو ابن ثلاث سنين.

وقيل: أراد بالحكم فهم الكتاب، فقرأ التوراة وهو صغير.

وعن بعض السلف: من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتي الحكم صبياً.

{ وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا }، رحمة من عندنا، قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:

تَحنَّنْ عليَّ هَدَاكَ المَلِيْكُ فإنَّ لكلِّ مقامٍ مَقَالاً

أي: ترحّمْ.

{ وَزَكَوٰةً }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني بالزكاة الطاعة والإِخلاص.

وقال قتادة رضي الله عنه: هي العمل الصالح، وهو قول الضحاك.

ومعنى الآية: وآتيناه رحمة من عندنا وتحنناً على العباد، ليدعوهم إلى طاعة ربهم ويعمل عملاً صالحاً في إخلاص.

وقال الكلبي: يعني صدقة تصدق الله بها على أبويه.

{ وَكَانَ تَقِيًّا }، مسلماً ومخلصاً مطيعاً، وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا همّ بها.