التفاسير

< >
عرض

وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً
٢٥
فَكُلِي وَٱشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً فَقُولِيۤ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً
٢٦
-مريم

معالم التنزيل

{ وَهُزِّىۤ إِلَيْكِ }، يعني قيل لمريم: حرّكي { بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ }، تقول العرب: هزَّه وهزَّ به، كما يقول: حزّ رأسه وحزّ برأسه، وأَمْدَدَ الحبل وأمدَدَ به، { تُسَـٰقِطْ عَلَيْكِ }، القراءة المعروفة بفتح التاء والقاف وتشديد السين، أي: تتساقط، فأُدغمتْ إحدى التاءين في السين أي: تسقط عليك النخلة رطباً، وخفف حمزة السين وحذف التاء التي أدغمها غيره.

وقرأ حفص بضم التاء وكسر القاف خفيف على وزن تُفاعِل. وتساقط بمعنى أسقط، والتأنيث لأجل النخلة.

وقرأ يعقوب: "يساقط" بالياء مشددة ردّه إلى الجذع.

{ رُطَباً جَنِيّاً }، مجنياً. وقيل: الجني هو الذي بلغ الغاية، وجاء أوان اجتنائه. قال الربيع بن خُيَثْم: ما للنفساء عندي خير من الرطب، ولا للمريض خير من العسل.

قوله سبحانه وتعالى: { فَكُلِى وَٱشْرَبِى }، أي: فكلي يامريم من الرُّطَبِ، وٱشربي من ماء النهر، { وَقَرِّى عَيْناً }، أي: طيبي نفساً. وقيل: قري عينك بولدك عيسى. يقال: أقر الله عينك أي: صادف فؤادك ما يرضيك، فتقر عينك من النظر إلى غيره. وقيل: أقر الله عينه: يعني أنامها، يقال: قرّ يقرّ إذا سكن.

وقيل: إن العين إذا بكت من السرور فالدمع بارد، وإذا بكت من الحزن فالدمع يكون حاراً، فمن هذا قيل: أقرَّ الله عينه وأسخن الله عينه.

{ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلبَشَرِ أَحَداً }، أي: تري، فدخل عليه نون التأكيد فكسرت الياء لالتقاء الساكنين.

معناه: فإما ترين من البشر أحداً فيسألك عن ولدك { فَقُولِىۤ إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْماً }، أي: صمتاً، وكذلك كان يقرأ ابن مسعود رضي الله عنه.

والصوم في اللغة الإمساك عن الطعام والشراب والكلام.

قال السدي: كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام، كما يصوم عن الطعام، فلا يتكلم حتى يمسي.

وقيل: إن الله تعالى أمرها أن تقول هذا إشارة.

وقيل: أمرها أن تقول هذا القدر نطقاً، ثم تمسك عن الكلام بعده.

{ فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيّاً }، يقال: كانت تكلم الملائكة، ولا تكلم الإِنس.