التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً
٦٣
وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً
٦٤
رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً
٦٥
-مريم

معالم التنزيل

{ تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا } أي: نعطي وننزل. وقيل: يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا، { مَن كَانَ تَقِيّاً }، أي: المتقين من عباده.

قوله عزّ وجلّ: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ }، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا خلاد بن يحيـى، أخبرنا عمر بن ذر قال: سمعت أبي يحدِّث عن سعيد بن جبير، "عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا فنزلت: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا }" الآية: قال: كان هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم.

وقال عكرمة، والضحاك، وقتادة، ومقاتل، والكلبي: "احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فقال أخبركم غداً، ولم يقل: إن شاء الله، حتى شقَّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نزل بعد أيام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك، فقال له جبريل: إني كنت أَشْوَق، ولكني عبد مأمور، إذا بُعثت نزلت، وإذا حُبست احتبست، فأنزل الله { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ }" وأنزل: "والضحى والليل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى".

{ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }، أي: له علم ما بين أيدينا. واختلفوا فيه: فقال سعيد بن جبير، وقتادة، ومقاتل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: من أمر الآخرة والثواب والعقاب، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى من الدنيا { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة.

وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: ما بقي من الدنيا، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: أي: ما بين النفختين، وبينهما أربعون سنة.

وقيل: { ما بين أيدينا } ما بقي من الدنيا، { وَمَا خَلْفَنَا }: ما مضى منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: مدة الحياة.

وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: بعد أن نموت، { وَمَا خَلْفَنَا }: قبل أن نخلق، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: مدة الحياة.

وقيل: { مَا بَيْنَ أَيْدِينَا }: الأرض إذا أردنا النزول إليها، { وَمَا خَلْفَنَا }: السماء إذا نزلنا منها، { وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ }: الهواء يريد: أن ذلك كله لله عزّ وجلّ، فلا نقدر على شيء إلاّ بأمره.

{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً }، أي: ناسياً، يقول: ما نسيك ربك، أي: ما تركك، والناسي التارك.

{ رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ }، أي: اصبر على أمره ونهيه، { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: مِثْلاً.

وقال الكلبي: هل تعلم أحداً يُسمىٰ "اللهُ" غيره؟