التفاسير

< >
عرض

قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ
٢١
وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
٢٢
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ
٢٣
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
٢٤
قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي
٢٥
-طه

معالم التنزيل

{ قَالَ خُذْهَا }، بيمينك، { وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلأُولَىٰ }، هيئتها الأولى، أي: نَرُدُّها عصاً كما كانت، وكان على موسى مدرعة من صوف قد خلَّها بعِيْدَانٍ، فلما قال الله تعالى: خذها، لَفَّ طرف المدرعة على يده، فأمره الله تعالى أن يكشف يده فكشف.

وذكر بعضهم: أنَّه لمّا لفّ كم المدرعة على يده قال له مَلَكٌ: أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك. شيئاً؟ قال: لا، ولكنى ضعيف، ومن ضعفٍ خُلِقْتُ، فكشف عن يده ثم وضعها في فم الحية فإذا هي عصا كما كانت، ويده في شعبتها في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ.

قال المفسرون: أراد الله عزّ وجلّ أن يُري موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون.

وقوله: { سيرتَها الأولى } نصب بحذف "إلى" يريد: إلى سيرتها الأولى.

قوله تعالى: { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } أي: إبطك، قال مجاهد: تحت عضدك، وجناح الإِنسان عضده إلى أصل إبطه، { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ }، نيرة مشرقة، { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ }، من غير عيب والسوء هاهنا بمعنى البَرَص. قال ابن عباس: كان ليده نور ساطع يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر، { ءَايَةً أُخْرَىٰ }، أي: دلالة أخرى على صدقك سوى العصا.

{ لِنُرِيَكَ مِنْ ءَايَـٰتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ }، ولم يقل الكُبَر لرؤوس الآي. وقيل: فيه إضمار، معناه: لنريك من آياتنا الكبرى، دليله قول ابن عباس: كانت يد موسى أكبر آياته.

قال تعالى: { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ }، أي: جوز الحدّ في العصيان والتمرد، فادعه إلى عبادتي.

{ قَالَ }، موسى: { رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي }، وسِّعْه للحقِّ، قال ابن عباس: يريد حتى لا أخاف غيرك، وذلك أن موسى كان يخاف فرعون خوفاً شديداً لشدة شوكته وكثرة جنوده، وكان يضيق صدراً بما كُلّف من مقاومة فرعون وحده، فسأل الله أن يوسع قلبه للحق حتى يعلم أن أحداً لا يقدر على مضرّته إلا بإذن الله، وإذا علم ذلك لم يَخَفْ فرعونَ وشدَّةَ شوكته وكثرة جنوده.