{ وَجَعَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ }، جبالاً ثوابت، { أَن تَمِيدَ بِهِمْ }؛ يعني كي لا تميد بهم، { وَجَعَلْنَا فِيهَا }، في الرواسي، { فِجَاجاً }، طرقاً ومسالك، والفج: الطريق الواسع بين الجبلين، أي جعلنا بين الجبال طرقاً حتى يهتدوا إلى مقاصدهم، { سُبُلاً }، تفسير للفجاج، { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }.
{ وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً }، من أن تسقط، دليله قوله تعالى:
{ وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [الحج: 65]، وقيل: محفوظاً من الشياطين بالشهب، دليله قوله تعالى: { وَحَفِظْنَـٰهَا مِن كُلِّ شَيْطَـٰنٍ رَّجِيمٍ } [الحجر: 17]، { وَهُمْ }، يعني الكفار، { عَنْ ءَايَـٰتِهَا }، ما خلق الله فيها من الشمس والقمر والنجوم وغيرها، { مُّعْرِضُونَ }، لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها.
{ وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَـٰرَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }، يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء، وإنما قال: { يَسْبَحُونَ }، ولم يقل يسبح على ما يقال لما لا يعقل، لأنه ذكر عنها فعل العقلاء من الجري والسبح، فذكر على ما يعقل.
والفَلَكُ: مدار النجوم الذي يضمها، والفَلَكُ في كلامِ العرب: كل شيء مستدير وجمعه أفلاك، ومنه فلك المغزل.
وقال الحسن: الفلك طاحونة كهيئة فَلَكَةِ المغزل: يريد أن الذي يجري فيه النجوم مستدير كاستدارة الطاحونة.
وقال بعضهم: الفلك السماء الذي فيه ذلك الكوكب، فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر فيه، وهو معنى قول قتادة.
وقال الكلبي: الفلك استدارة السماء.
وقال آخرون: الفلك موج مكفوف دون السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم.