التفاسير

< >
عرض

خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ
٣٧
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٣٨
لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٣٩
-الأنبياء

معالم التنزيل

قوله عز وجل: { خُلِقَ ٱلإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ } اختلفوا فيه، فقال قوم: معناه أن بنيته وخلقته من العَجَلةِ وعليها طبعُ، كما قال تعالى: { وَكَانَ ٱلإِنسَـٰنُ عَجُولاً } [الإِسراء: 11].

قال سعيد بن جبير والسدي: لما دخلت الروح في رأس آدم وعينه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخلت في جوفه اشتهىٰ الطعام، فوثب قائماً قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلاً إلى ثمار الجنة، فوقعَ فقيل: "خلق الإِنسان من عجل" والمراد بالإِنسان آدم وأورث أولاده العجلة، والعرب تقول للذي يكثر في الشيء: خلقت منه، كما تقول العرب: خلقت من لعب، وخلقت من غضب، تريد المبالغة في وصفه بذلك، يدل على هذا قوله تعالىٰ: { وَكَانَ ٱلإِنسَـٰنُ عَجُولاً }.

وقال قوم: معناه خُلق الإِنسانُ يعني آدم من تعجيل في خلق الله إيّاه، لأن خَلْقَه كان بعد خلق كل شيء في آخر النهار يوم الجمعة، فأسرع في خلقه قبل مغيب الشمس.

قال مجاهد: فلما أحيا الروحُ رأسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس. وقيل: بسرعة وتعجيل على غير ترتيب خَلَقَ سائر الآدميين من النطفة والعلقة والمضغة وغيرها.

وقال قوم: من عَجَلٍ، أي: من طين، قال الشاعر:

والنَّبْعُ في الصخرةِ الصَّمَّاءِ مُنبتةٌ والنخلُ ينبتُ بينَ الماءِ والعَجَلِ

{ سَأُوْرِيكُمْ ءَايَـٰتِى فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ }، نزل هذا في المشركين كانوا يستعجلون العذاب ويقولون: أمطرْ علينا حجارة من السماء، وقيل: نزلت في النضر بن الحارث، فقال تعالى: { سَأُوْرِيكُمْ ءَايَـٰتِى } أي مواعيدي فلا تستعجلون، أي فلا تطلبوا العذاب من قبل وقته، فأراهم يوم بدر، وقيل: كانوا يستعجلون القيامة.

{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ }، فقال تعالى: { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ }، لا يدفعون { عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ }، قيل: ولا عن ظهورهم السياط، { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }، يُمنعون من العذاب، وجواب لو في قوله: { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ } محذوف معناه: لو علموا لَمَا أقاموا على كفرهم، ولَمَا استعجلوا، ولا قالوا: متى هذا الوعد؟.