التفاسير

< >
عرض

إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ
٥٢
قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ
٥٣
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٥٤
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ
٥٥
قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٥٦
وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ
٥٧
-الأنبياء

معالم التنزيل

{ إِذْ قَالَ لأَِبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَـٰثِيلُ }، أي الصور، يعني الأصنام { ٱلَّتِىۤ أَنتُمْ لَهَا عَـٰكِفُونَ }، أي على عبادتها مقيمون.

{ قَالُواْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا لَهَا عَـٰبِدِينَ }، فاقتدينا بهم.

{ قَالَ } إبراهيم، { لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُمْ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ }، خطأ بيِّن بعبادتكم إيّاها.

{ قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللَّـٰعِبِينَ }، يعنون أجادّ أنت فيما تقول أم أنت من اللاعبين؟

{ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِى فطَرَهُنَّ }، خلقهن، { وَأَنَاْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ }، أي على أنه الإله الذي لا يستحق العبادةَ غيرهُ. وقيل: من الشاهدين على أنه خالق السموات والأرض.

{ وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُم }، لأمكرنّ بها، { بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ }، أي بعد أن تدبروا منطلقين إلى عيدكم.

قال مجاهد وقتادة: إنما قال إبراهيم هذا سراً من قومه ولم يسمع ذلك إلاَّ رجل واحد فأفشاه عليه، وقال: إنا سمعنا فتًى يذكرهم يُقالُ له إبراهيم.

قال السدي: كان لهم في كل سنة مجمع وعيد فكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها، ثم عادوا إلى منازلهم، فلما كان ذلك العيد قال أبو إبراهيم له: يا إبراهيم لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك دينُنا فخرج معهم إبراهيم، فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه، وقال إني سقيم، يقول اشتكى رجلي فلما مضَوْا نادى في آخرهم وقد بقي ضعفاء الناس، { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُم } فسمعوها منه، ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة وهنّ في بهو عظيم مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه، والأصنام بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغرُ منه إلى باب البهو، وإذا هم قد جعلوا طعاماً فوضعوه بين يدي الآلهة، وقالوا: إذا رجعنا وقد برّكت الآلهة في طعامنا أكلنا، فلما نظر إليهم إبراهيم وإلىٰ ما بين أيديهم من الطعام، قال لهم: على طريق الاستهزاء ألا تأكلون؟، فلما لم تجبه قال: ما لم لا تنطقون، فراغ عليهم ضرباً باليمين، وجعل يكسرهن في يده حتى إذا لم يبق إلاَّ الصنم الأكبر علّق الفأس في عنقه ثم خرج، فذلك قوله عزّ وجلّ. { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ... }.