التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
٧٥
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
٧٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٧٧
-الحج

معالم التنزيل

{ ٱللَّهُ يَصْطَفِى }، يعني يختار { مِنَ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ رُسُلاً }، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وغيرهم، { وَمِنَ ٱلنَّاسِ }، أي: يختار من الناس رسلاً مثل إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام، نزلت حين قال المشركون: "أَأُنزلَ عليه الذكر من بيننا"، فأخبر أن الاختيار إليه، يختار من يشاء من خلقه.

{ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }، أي: سميع لقولهم، بصير بمن يختارُهُ لرسالته.

{ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ }، قال ابن عباس: ما قدَّموا، { وَمَا خَلْفَهُمْ }، ما خلَّفوا. وقال الحسن: "ما بين أيديهم": ما عملوا "وما خلفهم" ما هم عاملون من بعد. وقيل: "ما بين أيديهمْ: ملائكته وكتبه ورسله قبل أن خلقهم، "وما خلفهم" أي: يعلم ما هو كائن بعد فنائهم. { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }.

{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ }، أي: صلُّوا لأن الصلاةَ لا تكونُ إلا بالركوع والسجود، { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ }، وحِّدوه، { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ }، قال ابن عباس: صلة الرحم ومكارم الأخلاق، { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }، لكي تسعدوا وتفوزوا بالجنة. واختلف أهلُ العلم في سجود التلاوة عند قراءة هذه الآية.

فذهب قوم إلى أنه يسجد عندها، وهو قول عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وبه قال ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. واحتجوا بما أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، أخبرنا أبو عيسى الترمذي، أخبرنا قتيبة، أخبرنا ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، "عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله فُضِّلت سورةُ الحج بأنّ فيها سجدتين؟ فقال: نعم، ومن لم يسجدْهما فلا يقرأْهُما" .

وذهب قوم إلى أنه لا يسجد هاهنا، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي.

وعدة سجود القرآن أربعةَ عشرَ عند أكثر أهل العلم، منها ثلاث في المفصَّل.

وذهب قوم إلى أنه ليس في المفصل سجود. روي ذلك عن أبيّ بن كعب، وابن عباس، وبه قال مالك. وقد صح عن أبي هريرة قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في "اقرأ"، و"إذا السماء انشقت". وأبو هريرة من متأخري الإِسلام.

واختلفوا في سجود صاد، فذهب الشافعي: إلى أنه سجود شكر ليس من عزائم السجود، ويروىٰ ذلك عن ابن عباس، وذهب قوم إلى أنه يسجد فيها، روي ذلك عن عمر، وبه قال سفيان الثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق، فعند ابن المبارك، وإسحاق، وأحمد، وجماعة: سجود القرآن خمسَ عشرة سجدة، فعدوا سجدتي الحج وسجدة ص، وروى عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمسَ عشرةَ سجدةً في القرآن.