التفاسير

< >
عرض

فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٠٢
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
١٠٣
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ
١٠٤
أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ
١٠٥
قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ
١٠٦
رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
١٠٧
قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ
١٠٨
-المؤمنون

معالم التنزيل

{ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَٰزِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }.

{ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَٰزِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِى جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ }.

{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ }. أي: تسفع، وقيل: تحرق، { وَهُمْ فِيهَا كَـٰلِحُونَ }، عابسون.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أبي توبة، أخبرنا محمد بن أحمد الحارثي، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبدالله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبدالله الخلال، أخبرنا عبدالله بن المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وهم فيها كالحون، قال: تشويه النار، فتقلِصُ شفتهُ العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفتُه السفلى حتى تضربَ سرته" . وبهذا الإِسناد عن عبدالله بن المبارك عن حاجب بن عمر عن الحكم ابن الأعرج قال: قال أبو هريرة: "يعظم الكافر في النار مسيرة سبع ليال، فيصير ضرسه مثل أُحد، وشفاههم عند سررهم، سود زرق خسر مقبوحون".

قوله عزّ وجلّ: { أَلَمْ تَكُنْ ءَايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ }، يعني القرآن، تخوَّفون بها، { فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ }.

{ قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا }، قرأ حمزة والكسائي: "شقاوتنا" بالألف وفتح الشين، وهما لغتان أي: غلبت علينا شقوتنا التي كتبت علينا فلم نهتد. { وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ }، عن الهدى.

{ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا } أي: من النار، { فَإِنْ عُدْنَا }، لما تكره { فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ }.

{ قَالَ ٱخْسَئُواْ }، أبعدوا، { فِيهَا }، كما يقال للكلب إذا طرد: اخسأ، { وَلاَ تُكَلِّمُونِ }، في رفع العذاب، فإني لا أرفعه عنكم، فعند ذلك أيس المساكين من الفرج، قال الحسن: هو آخر كلام يتكلم به أهل النار ثم لا يتكلمون بعدها إلا الشهيق والزفير، ويصير لهم عواء كعواء الكلاب لا يَفْهمون ولا يُفْهمون، روي عن عبدالله بن عمرو: أن أهل جهنم يدعون مالكاً خازن النار أربعين عاماً { يَٰمَـٰلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [الزخرف: 77]، فلا يجيبهم، ثم يقول: { { إِنَّكُمْ مَّاكِثُون } [الزخرف: 77] ثم ينادون ربهم: { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ }، فيدعهم مثل عمر الدنيا مرتين ثم يرد عليهم: { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ }، فلا ينبس القوم بعد ذلك بكلمة إن كان إلا الزفير والشهيق.

وقال القرطبي: إذا قيل لهم: "اخسئوا فيها ولا تكلمون" انقطع رجاؤهم، وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض، وأطبقت عليهم.