التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ
١٧
وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ
١٨
-المؤمنون

معالم التنزيل

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ }، أي: سبع سموات، سميت طرائق لتطارقها، وهو أن بعضها فوق بعض، يقال: طارقتُ النعلَ إذا جعلت بعضه فوق بعض. وقيل: سميت طرائق لأنها طرائق الملائكة. { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَـٰفِلِينَ }، أي كنا لهم حافظين من أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم كما قال الله تعالى: { { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [الحج: 65].

وقيل: ما تركناهم سدى بغير أمر ونهي.

وقيل: ما كنا عن الخلق غافلين إذْ بنينا فوقهم سماء أطلعنا فيها الشمس والقمر والكواكب.

{ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ }، يعلمه الله. قال مقاتل: بقدر ما يكفيهم للمعيشة، { فَأَسْكَنَّاهُ فِى ٱلأَرْضِ }، يريد ما يبقى في الغدران والمستنقعات، ينتفع به الناس في الصيف عند انقطاع المطر. وقيل: فأسكناه في الأرض ثم أخرجنا منها ينابيع، فماء الأرض كله من السماء، { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ }، حتى تهلكوا عطشاً وتهلكَ مواشيكم وتخرب أراضيكم. وفي الخبر: "أن الله عزّ وجلّ أنزل أربعة أنهار من الجنة: سيحان، وجيحان، ودجلة، والفرات".

وروى مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنّ الله عزّ وجلّ أنزل من الجنة خمسة أنهار: جيحون، وسيحون، ودجلة، والفرات، والنيل، أنزلها الله عزّ وجلّ من عين واحدة من عيون الجنة، من أسفل درجة من درجاتها، على جناحي جبريل، استودعها الله الجبال، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس، فذلك قوله عزّ وجلّ: وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل فرفع من الأرض القرآن، والعلم كله والحجر الأسود من ركن البيت، ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة، فيرفع كل ذلك إلى السماء، فذلك قوله تعالى: { وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَـٰدِرُونَ } فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير الدين والدنيا "

وروى هذا الحديث الإِمام الحسن بن يوسف، عن عثمان بن سعيد بالإِجازة، عن سعيد بن سابق الإِسكندارني، عن مسلمة بن علي، عن مقاتل بن حيان.