التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ
٥٢
فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
٥٣
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ
٥٤
أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ
٥٥
-المؤمنون

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { يَٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ }، قال الحسن ومجاهد وقتادة والسدي والكلبي وجماعة: أراد به محمداً صلى الله عليه وسلم وحده على مذهب العرب في مخاطبة الواحد بلفظ الجماعة. وقال بعضهم: أراد به عيسى. وقيل: أراد به جميع الرسل عليهم السلام، { كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ }، أي الحلالات، { وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً }، الصلاح هو الاستقامة على ما توجيه الشريعة، { إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }.

{ وَإِنَّ هَـٰذِهِ } قرأ أهل الكوفة: "وإن" بكسر الألف على الابتداء، وقرأ الباقون بفتح الألف، وخفف ابن عامر النون وجعل "إن" صلة، مجازه: وهذه { أُمَّتُكُمْ }، وقرأ الباقون بتشديد النون على معنى وبأن هذا، تقديره: بأن هذه أمتكم، أي ملتكم وشريعتكم التي أنتم عليها، { أُمَّةً وَٰحِدَةً }، أي ملة واحدة وهي الإِسلام، { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ }، أي: اتقوني لهذا.

وقيل: معناه أمرتكم بما أمرت به المرسلين من قبلكم، فأمركم واحد، { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } فاحذورن. وقيل: هو نصب بإضمار فعل، أي: اعلموا أن هذه أمتكم، أي ملتكم، أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.

{ فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُم } دينهم، { بَيْنَهُمْ }، أي: تفرقوا فصاروا فِرَقاً، يهوداً ونصارى ومجوساً، { زُبُراً }، أي: فرقاً وقطعاً مختلفة، واحدها زبور وهو الفرقة والطائفة، ومثله الزبرة وجمعها زُبُر، ومنه: { { زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ } [الكهف: 96]. أي: صاروا فرقاً كزبر الحديد. وقرأ بعض أهل الشام "زبراً" بفتح الباء، قال قتادة ومجاهد "زبراً" أي: كتباً، يعني دان كل فريق بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخرون. وقيل: جعلوا كتبهم قطعاً مختلفة، آمنوا بالبعض، وكفروا بالبعض، وحرفوا البعض، { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ }، بما عندهم من الدين، { فَرِحُونَ }، معجبون ومسرورون.

{ فَذَرْهُمْ فِى غَمْرَتِهِمْ }، قال ابن عباس: في كفرهم وضلالتهم، وقيل: عمايتهم، وقيل: غفلتهم { حَتَّىٰ حِينٍ }، إلى أن يموتوا.

{ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِين }، ما نعطيهم ونجعله مدداً لهم من المال والبنين في الدنيا.