التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٢٧
-النور

معالم التنزيل

قوله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } قيل: معنى قوله: { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } أي: حتى تستأذنوا. وكان ابن عباس يقرأ حتى تستأذنوا ويقول: تستأنسوا خطأ من الكاتب. وكذلك كان يقرأ أُبيّ بن كعب، والقراءة المعروفة تستأنسوا وهو بمعنى الاستئذان.

وقيل: الاستئناس طلب الأنس وهو أن ينظر هل في البيت إنسان فيؤذنهم إني داخل.

وقال الخليل: الاستئناس الاستبصار من قوله: آنست ناراً، أي: أبصرت.

وقيل: هو أن يتكلم بتسبيحة أو تكبيرة أو يتنحنح، يُؤذِن أهل البيت.

وجملة حكم الآية: أنه لا يدخل بيت الغير إلا بعد السلام والاستئذان.

واختلفوا في أنه يقدم الاستئذان أم السلام؟ فقال قوم: يقدم الاستئذان فيقول: أأدخل سلام عليكم، لقوله تعالى: { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } أي: تستأذنوا، { وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا } والأكثرون على أنه يقدم السلام فيقول: سلام عليكم أأدخل. وفي الآية تقديم وتأخير، تقديرها: حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا. وكذلك هو في مصحف عبد الله بن مسعود. "وروي عن كلدة بن حنبل قال دخلت علي النبي صلى الله عليبه وسلم فلم أسلم ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجعْ فقل: السلام عليكم أأدخل" ."

وروي عن ابن عمر أن رجلاً استأذن عليه فقال: أأدخل؟ فقال ابن عمر: لا، فأمر بعضهم الرجل أن يسلم فسلم فأذن له.

وقال بعضهم: إن وقع بصره على إنسان قَدّم السلام، وإلاّ قدم الاستئذان، ثم سلم. وقال أبو موسى الأشعري وحذيفة: يستأذن على ذوات المحارم، ومثله عن الحسن، إن كانوا في دار واحدة يتنحنح ويتحرك أدنى حركة.

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: سلّم عبد الله بن قيس على عمر بن الخطاب ثلاث مرات فلم يأذن له فرجع فأرسل عمر في إثره فقال لم رجعت فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سلم أحدكم ثلاثاً فلم يُجَب فليرجع " . قال عمر لتأتين على ما تقول ببينة وإىلا لأفعلن بك كذا وكذا غير أنه قد أوعده، قال: فجاء أبو موسى الأشعري منتقعاً لونه وأنا في حلقة جالس، فقلنا: ما شأنك؟ فقال: سلمت على عمر، فأخبرنا خبره، فهل سمع أحد منكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: نعم كلنا قد سمعه، قال فأرسلوا معه رجلاً منهم حتى أتى عمر فأخبره بذلك.

ورواه بُسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري، وفيه: قال أبو موسى الأشعري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يُؤذن له فليرجعْ" .

قال الحسن: الأول إعلام والثاني مؤامرة، والثالث استئذان بالرجوع.