التفاسير

< >
عرض

لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً
١٦
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ
١٧
قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً
١٨
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً
١٩
-الفرقان

معالم التنزيل

{ لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَـٰلِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً }، مطلوباً، وذلك أن المؤمنين سألوا ربهم في الدنيا حين قالوا: { { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } [آل عمران: 194]، يقول: كان أعطى الله المؤمنين جنة خلد وعداً، وعدهم على طاعتهم إيّاه في الدنيا ومسألتهم إياه ذلك. قال محمد بن كعب القرظي: الطلب من الملائكة للمؤمنين وذلك قولهم: { { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدْتَّهُمْ } [غافر: 8].

{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ }، قرأ ابن كثير، وأبو جعفر، ويعقوب، وحفص: «يحشرهم» بالياء، وقرأ الباقون بالنون، { وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ }، قال مجاهد: من الملائكة والجن والإِنس وعيسى وعزير. وقال عكرمة والضحاك والكلبي: يعني الأصنام، ثم يخاطبهم، { فَيَقُولُ }، قرأ ابن عامر بالنون والآخرون بالياء، { أَءَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَـٰؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ }، أخطأوا الطريق.

{ قَالُواْ سُبْحَـٰنَكَ }، نزَّهوا الله من أن يكون معه آله، { مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ }، يعني: ما كان ينبغي لنا أن نوالي أعداءك, بل أنت ولينا من دونهم. وقيل: ما كان لنا أن نأمرهم بعبادتنا ونحن نعبدك.

وقرأ أبو جعفر «أن نُتَّخَذ» بضم النون وفتح الخاء فتكون «من» الثاني صلة.

{ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَءَابَآءَهُمْ }، في الدنيا بطول العمر والصحة والنعمة، { حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ }، تركوا الموعظة والإِيمان بالقرآن. وقيل: تركوا ذكرك وغفلوا عنه، { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً }، يعني هلكى غلب عليهم الشقاء والخذلان، رجل يقال له بائر، وقوم بور، وأصله من البوار وهو الكساد والفساد، ومنه بوار السلعة وهو كسادها. وقيل هو اسم مصدر كالزور، يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث.

{ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ }، هذا خطاب مع المشركين، أي: كذبكم المعبودون، { بِمَا تَقُولُونَ }، إنهم آلهة، { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ }، قرأ حفص بالتاء يعني العابدين، وقرأ الآخرون بالياء يعني: الآلهة. { صَرْفاً } يعني: صرف العذاب عن أنفسهم، { وَلاَ نَصْراً }، يعني: ولا نصر أنفسهم. وقيل: ولا نصركم أيها العابدون من عذاب الله بدفع العذاب عنكم. وقيل: "الصرف" الحيلة، ومنه قول العرب: إنه ليصرف، أي يحتال، { وَمَن يَظْلِم }، يشرك، { مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً }.