{ لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ }، قاتل نفسك, { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }، أي: إن لم يؤمنوا، وذلك حين كذب أهل مكة فشقَّ عليه ذلك، وكان يحرص على إيمانهم، فأنزل الله هذه الآية.
{ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَـٰقُهُمْ لَهَا خَـٰضِعِينَ }، قال قتادة: لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون بها، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله. وقال ابن جريج: معناه: لو شاء الله لأراهم أمراً من أمره، لا يعمل أحد منهم بعده معصية.
وقوله عزّ وجلّ: { خَـٰضِعِينَ } ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق، وفيه أقاويل أحدها: أراد أصحاب الأعناق، فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم، لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، جعل الفعل أولاً للأعناق، ثم جعل خاضعين للرجال.
وقال الأخفش: ردَّ الخضوع على المضمر الذي أضاف الأعناق إليه.
وقال قوم: ذكر الصفة لمجاورتها المذكر، وهو قوله "هم"، على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكر، وتأنيث المذكر إذا أضافوه إلى مؤنث.
وقيل: أراد فظلوا خاضعين فعبر بالعنق عن جميع البدن، كقوله
{ { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [الحج: 10] و { { أَلْزَمْنَـٰهُ طَـٰئِرَهُ فِى عُنُقِهِ } [الإسراء: 13]. وقال مجاهد: أراد بالأعناق الرؤساء والكبراء، أي: فظلت كبراؤهم خاضعين. وقيل: أراد بالأعناق الجماعات، يقال: جاء القوى عنقاً عنقاً، أي جماعات وطوائف.
وقيل: إنما قال خاضعين على وفاق رؤوس الآي ليكون على نسق واحد.