التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
٨٠
وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
٨١
وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ
٨٢
رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ
٨٣
وَٱجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي ٱلآخِرِينَ
٨٤
وَٱجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ
٨٥
-الشعراء

معالم التنزيل

{ وَإِذَا مَرِضْتُ }، أضاف المرض إلى نفسه وإن كان المرض والشفاء كله من الله، استعمالاً لحسن الأدب كما قال الخَضِرْ: { { فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا } [الكهف: 79]، وقال: { { فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا } [الكهف: 82]. { فَهُوَ يَشْفِينِ }، أي: يبرئني من المرض.

{ وَٱلَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ }، أدخل "ثم" هاهنا للتراخي، أي: يميتني في الدنيا ويحييني في الآخرة.

{ وَٱلَّذِىۤ أَطْمَعُ }، أي: أرجو، { أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ ٱلدِّينِ }، أي: خطاياي يوم الحساب. قال مجاهد: هو قوله: { إِنِّي سَقِيمٌ }، وقوله: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا }، وقوله لسارة: "هذه أختي"، وزاد الحسن وقوله للكواكب: { هَـٰذَا رَبِّى }.

وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: "قلت يا رسول الله: ابنُ جدعان, كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المساكين، فهل ذاك نافعه؟ قال لا ينفعه إنه لم يقل يوماً, ربِّ اغفرْ لي خطيئتي يوم الدين" ".

وهذا كله احتجاج من إبراهيم على قومه، وإخبار أنه لا يصلح للإلهية من لا يفعل هذه الأفعال. { رَبِّ هَبْ لِى حُكْماً }، قال ابن عباس: معرفة حدود الله وأحكامه. وقال مقاتل: الفهم والعلم. وقال الكلبي: النبوة، { وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِينَ }، بمن قبلي من النبيين في المنزلة والدرجة.

{ وَٱجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى ٱلأَخِرِينَ }، أي: ثناء حسناً، وذكراً جميلاً، وقبولاً عاماً في الأمم التي تجيء بعدي، فأعطاه الله ذلك، فجعل كل أهل الأديان يتولَّونه ويثنون عليه. قال القتيبي: وضع اللسان موضع القول على الاستعارة لأن القول يكون به.

{ وَٱجْعَلْنِى مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ ٱلنَّعِيمِ }، أي: ممن تعطيه جنة النعيم.