قوله تعالى: { وَكَانَ فِى ٱلْمَدِينَةِ } يعني: مدينة ثمود، وهي الحِجْر، { تِسْعَةُ رَهْطٍ }، من أبناء أشرافهم، { يُفْسِدُونَ فِى ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ }، وهم الذين اتفقوا على عقر الناقة، وهم غواة قوم صالح، ورأسهم قدار بن سالف، وهو الذي تولى عقرها، كانوا يعملون بالمعاصي.
{ قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ }، تحالفوا، يقول بعضهم لبعض: احلفوا بالله أيها القوم. وموضع "تقاسموا" جزم على الأمر، وقال قوم: محله نصب على الفعل الماضي، يعني: أنهم تحالفوا وتواثقوا، تقديره: قالوا متقاسمين بالله، { لَنُبَيِّتَنَّهُ }، أي: لنقتلنّه بَيَاتاً أي ليلاً، { وَأَهْلَهُ }، أي: قومه الذين أسلموا معه، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي «لتبيتنه» و«لتقولن» بالتاء فيهما وضم لام الفعل على الخطاب، وقرأ الآخرون بالنون فيهما وفتح لام الفعل، { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ }، أي: لولي دمه، { مَا شَهِدْنَا }، ما حضرنا، { مَهْلِكَ أَهْلِهِ }، أي: إهلاكهم، ولا ندري من قتله، ومن فتح الميم فمعناه هلاك أهله، { وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ }، في قولنا ما شهدنا ذلك.
{ وَمَكَرُواْ مَكْراً }، غدروا غدراً حين قصدوا تبييت صالح والفتك به، { وَمَكَرْنَا مَكْراً }، جزيناهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }.
{ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا }، قرأ أهل الكوفة «أنا» بفتح الألف رداً على العاقبة، أي أنا دمرناهم، وقرأ الآخرون «إنا» بالكسر على الاستئناف، { دَمَّرْنَـٰهُمْ }، أي أهلكناهم التسعة.
واختلفوا في كيفية هلاكهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار صالح يحرسونه فأتى التسعة دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة، فقتلتهم. قال مقاتل: نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضاً ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم.
{ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ }، أهلكهم الله بالصيحة.