قوله تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ }، يعني كفار مكة، { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }.
{ ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٍ }.
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ }، على أن الفاعل لهذه الأشياء هو الله، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }، وقيل: قل الحمد لله على إقرارهم ولزوم الحجة عليهم، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }، ينكرون التوحيد مع إقرارهم بأنه الخالق لهذه الأشياء.
قوله تعالى: { وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ }، اللهو هو: الاستمتاع بلذات الدنيا، واللَّعِب: العبث، سميت بها لأنها فانية. { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلأَخِرَةَ لَهِىَ ٱلْحَيَوَانُ }، أي: الحياة الدائمة الباقية، و"الحيوان": بمعنى الحياة، أي: فيها الحياة الدائمة، { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }، فناء الدنيا وبقاء الآخرة.
قوله تعالى: { فَإذَا رَكِبواْ فِى ٱلْفُلْكِ } وخافوا الغرق، { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }، وتركوا الأصنام، { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ }، هذا إخبار عن عنادهم وأنهم عند الشدائد يقرّون أن القادر على كشفها هو الله عزّ وجلّ وحده، فإذا زالت عادوا إلى كفرهم. قال عكرمة: كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها في البحر وقالوا: يا رب يا رب.
{ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ }، هذه لام الأمر، ومعناه التهديد والوعيد، كقوله:
{ { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } [فصلت: 40]، أي: ليجحدوا نعمة الله في إنجائه إيّاهم، { وَلِيَتَمَتَّعُواْ }، قرأ حمزة، والكسائي: ساكنة اللام، وقرأ الباقون بكسرها نسقاً على قوله: «ليكفروا»، { فَسَوْفَ يَعلَمُونَ }، قيل: مَنْ كسر اللام جعلها لام كي وكذلك في ليكفروا، والمعنى لا فائدة لهم في الإِشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمتعون به في العاجلة من غير نصيب في الآخرة. { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءَامَناً ويُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهمْ }، يعني العرب، يسبي بعضهم بعضا، وأهل مكة آمنون، { أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ }، بالأصنام والشيطان، { يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ }، بمحمد والإِسلام، { يَكْفُرُونَ }.