التفاسير

< >
عرض

يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ
١١٤
وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ
١١٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١١٦
مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
١١٧
-آل عمران

معالم التنزيل

قوله تعالى: { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَـٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَأُوْلَـٰئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ }.

{ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ }، قرأ حمزة والكسائي وحفص بالياء فيهما، إخبار عن الأمة القائمة، وقرأ الآخرون بالتاء فيهما، لقوله { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ }، وأبو عمرو يرَى القراءتين جميعاً، ومعنى الآية: وما تفعلوا من خير فلن تُعدموا ثوابَه، بل يشكر لكم وتجازون عليه، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ }، بالمؤمنين.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً }، أي: لا تدفع أموالهم بالفدية وأولادهم بالنصرة شيئاً من عذاب الله، وخصهما بالذكر لأن الإِنسان يدفع عن نفسه تارة بفداء المال وتارة بالاستعانة بالأولاد. { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ }، وإنّما جعلهم من أصحابها لأنهم أهلها لا يخرجون منها ولا يُفارقونها، كصاحب الرجل لا يفارقه.

{ مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }، قيل: أراد نفقات أبي سفيان وأصحابه ببدرٍ وأُحد على عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقال مقاتل: نفقة اليهود على علمائهم، قال مجاهد: يعني جميع نفقات الكفار [في الدنيا] وصدقاتهم، وقيل: أراد إنفاق المرائي الذي لا يبتغي به وجهَ الله تعالى، { كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ }، [حكي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنها السَّموم الحارة التي تقتل، وقيل:] فيها صِرٌّ أي: صوت، وأكثر المفسرين قالوا: فيها برد شديد، { أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ } زرعَ قوم، { ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ }، بالكفر والمعصية ومنع حق الله تعالى، { فَأَهْلَكَتْهُ }. فمعنى الآية: مثل نفقات الكفار في ذهابها وقت الحاجة إليها كمثل زرع أصابته ريح باردة فأهلكته أو نار فأحرقته فلم ينتفع أصحابه منه بشيء، { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ }، بذلك، { وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }، بالكفر والمعصية.