التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٧٥
وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١٧٦
إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٧٧
وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ
١٧٨
-آل عمران

معالم التنزيل

قوله تعالى: { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ }، يعني: الذي قال لكم: { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ }، من فعل الشيطان أُلقي في أفواههم ليرهبوهم ويجبُنُوا عنهم، { يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ }، أي يخوفكم بأوليائه، وكذلك هو في قراءة أُبي بن كعب يعني: يخوّف المؤمنين بالكافرين، قال السدي: يعظّم أولياءَهُ في صدورهم ليخافوهم، يدل عليه قراءة عبد الله بن مسعود { يخوفكم أولياءه }، { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ }، في ترك أمري { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }، مصدقين بوعدي فإني متكفّل لكم بالنصرة والظفر.

قوله عزّ وجلّ: { وَلاَ يَحْزُنكَ }، قرأ نافع { يحزنك } بضم الياء وكسر الزاي، وكذلك جميع القرآن إلاّ قوله (لا يحزنُهم الفزعُ الأكبر)، ضدّه أبو جعفر، وهما لغتان: حزن يحزن وأحزن يحزن، إلا أن اللغة الغالبة حزن يحزن، { ٱلَّذِينَ يُسَـٰرِعُونَ فِى ٱلْكُفْرِ }، قال الضحاك: هم كفار قريش، وقال غيره: هم المنافقون يسارعون في الكفر بمظاهرة الكفار. { إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً }، بمسارعتهم في الكفر، { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِى ٱلآخِرَةِ }، نصيباً في ثواب الآخرة، فلذلك خَذَلهم حتى سارعوا في الكفر، { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }. { إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ }، استبدلوا { ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَـٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } وإنّما يضرون أنفسهم، { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }، قرأ حمزة هذا والذي بعده بالتاء فيهما، وقرأ الآخرون بالياء، فمن قرأ بالياء { فالذين } في محل الرفع على الفاعل تقديره ولا يحسبنّ الكفار إملاءَنا لهم خيراً، ومن قرأ بالتاء يعني: ولا تحسبنّ يا محمد الذينَ كفروا، وإنّما نصب على البدل من الذين، { أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأَنفُسِهِمْ }، والإِملاء الإِمهال والتأخير، يقال: عشت طويلاً حميداً وتمليت حيناً، ومنه قوله تعالى: { { وَٱهْجُرْنِى مَلِيّاً } [مريم: 46] أي: حيناً طويلاً، ثم ابتدأ فقال: { إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ }، نمهلهم { لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }. قال مقاتل: نزلت في مشركي مكة، وقال عطاء في قريظة والنضير.

أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله القفال أنا أبو منصور أحمد بن الفضل البَرْوَنْجِرْدِيّ أنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي أنا محمد بن يونس أنا أبو داود الطيالسي أنا شعبة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: "سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال: من طالَ عمرُه وحَسُن عملُه، قيل: فأي الناس شر؟ قال: من طالَ عمرُه وساءَ عملُه" .