التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
١١
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
١٢
-لقمان

معالم التنزيل

{ هَـٰذَا }، يعني الذي ذكرت مما تعاينون، { خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ }، من آلهتكم التي تعبدونها، { بَلِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ }.

قوله تعالى: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ }، يعني: العقل والعلم والعمل به والإِصابة في الأمور. قال محمد بن إسحاق: وهو لقمان بن ناعور بن ناحور بن تارخ وهو آزر. وقال وهب: إنه كان ابن أخت أيوب، وقال مقاتل: ذكر أنه كان ابن خالة أيوب. قال الواقدي: كان قاضياً في بني إسرائيل.

واتفق العلماء على أنه كان حكيماً، ولم يكن نبياً، إلا عكرمة فإنه قال: كان لقمان نبياً. وتفرَّد بهذا القول.

وقال بعضهم: خيّر لقمان بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة.

وروي أنه كان نائماً نصف النهار فنُودي: يا لقمان، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق؟ فأجاب الصوتَ فقال: إن خيرني ربي قبلت العافية، ولم أقبل البلاء، وإن عزم عليّ فسمعاً وطاعةً، فإني أعلم إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم: لِمَ يا لقمان؟ قال: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كل مكان أن يعدل فبالحري أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً، ومن يخير الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولا يصيب الآخرة. فعجبت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فأعطي الحكمة، فانتبه وهو يتكلم بها، ثم نُودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما اشترطه لقمان، فهوى في الخطيئة غير مرة، كلُّ ذلك يعفو الله عنه، وكان لقمان يؤازره بحكمته.

وعن خالد الربعي قال: كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً. وقال سعيد بن المسيب: كان خياطاً. وقيل: كان راعي غنم. فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال: ألست فلاناً الراعي فبِمَ بلغتَ ما بلغت؟ قال: بصدق الحديث، وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني. وقال مجاهد: كان عبداً أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين.

قوله عزّ وجلّ: { أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ }.