{ ذَلِكَ جَزَيْنَـٰهُمْ بِمَا كَفَرُواْ }، أي: ذلك الذي فعلنا بهم جزيناهم بكفرهم، { وَهَلْ نُجْزِىۤ إِلاَّ ٱلْكَفُورَ }، قرأ حمزة، والكسائي، وحفص، ويعقوب: «وهل نجازي» بالنون وكسر الزاي، «الكفورَ» نصب لقوله: "ذلك جزيناهم"، وقرأ الآخرون بالياء وفتح الزاي، «الكفورُ» رفع، أي: وهل يجازي مثل هذا الجزاء إلاّ الكفور.
وقال مجاهد: يجازى أي: يعاقب. ويقال في العقوبة: يجازي، وفي المثوبة يجزي.
قال مقاتل: هل يكافأ بعمله السيء إلا الكفور لله في نعمه.
قال الفراء: المؤمن يُجزى ولا يجازى، أي: يجزى للثواب بعمله ولا يكافأ بسيئاته.
{ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } بالماء والشجر، هي قرى الشام، { قُرًى ظَـٰهِرَةً }، متواصلة تظهر الثانية من الأولى لقربها منها، وكان متجرهم من اليمن إلى الشام فكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد من سبأ إلى الشام.
وقيل: كانت قراهم أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ إلى الشام.
{ وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ }، أي: قدرنا سيرهم بين هذه القرى، وكان مسيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم، فإذا ساروا نصف يوم وصلوا إلى قرية ذات مياه وأشجار.
وقال قتادة: كانت المرأة تخرج ومعها مغزلها، وعلى رأسها مكتلها فتمتهن فلا تأتي بيتها حتى يمتلىء مكتلها من الثمار، وكان ما بين اليمن والشام كذلك.
{ سِيرُواْ فِيهَا }، أي: وقلنا لهم سيروا فيها، وقيل: هو أمر بمعنى الخبر أي: مكناهم من السير فكانوا يسيرون فيها، { لَيَالِىَ وَأَيَّاماً }، أي: بالليالي والأيام أيّ وقت شئتم، { ءَامِنِينَ }، لا تخافون عدواً ولا جوعاً ولا عطشاً، فبطروا وطغوا ولم يصبروا على العافية، وقالوا: لو كانت جناتنا أبعد مما هي كان أجدر أن نشتهيه.