التفاسير

< >
عرض

قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ
٤٩
قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ
٥٠
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ
٥١
وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
٥٢
-سبأ

معالم التنزيل

{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ }، يعني: القرآن والإِسلام، { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَـٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ }، أي: ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدىء شيئاً أو يعيد، كما قال تعالى: { { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَـٰطِلِ فَيَدْمَغُهُ } [الأنبياء: 18] وقال: قتادة: "الباطل" هو إبليس، وهو قول مقاتل والكلبي، وقيل: "الباطل": الأصنام.

{ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى }، وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له: إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك، قال الله تعالى: { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } أي: إثم ضلالتي على نفسي، { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبِّى }، منَ القرآن والحكمة، { إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ }.

{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ }، قال قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم، { فَلاَ فَوْتَ }، أي: فلا يفوتونني كما قال: { { وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [صۤ: 3]، وقيل: إذ فزعوا فلا فوت ولا نجاة، { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ }، قال الكلبي من تحت أقدامهم، وقيل: أُخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها، وحيثما كانوا فهم من الله قريب، لا يفوتونه. وقيل: من مكان قريب يعني عذاب الدنيا. وقال الضحاك: يوم بدر. وقال ابن أبزي: خسف بالبيداء، وفي الآية حذف تقديره: ولو ترى إذْ فزعوا لرأيتَ أمراً تعتبرُ به.

{ وَقَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِهِ }، حين عاينوا العذاب، وقيل: عند اليأس. وقيل: عند البعث. { وَأَنَّىٰ }، من أين، { لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ }، قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: التناوش بالمد والهمز، وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مدّ ولا همز، ومعناه التناول، أي: كيف لهم تناول ما بَعُدَ عنهم، وهو الإِيمان والتوبة، وقد كان قريباً في الدنيا فضيعوه، ومَنْ همز قيل: معناه هذا أيضاً.

وقيل التناوش بالهمزة من النبش وهو حركة في إبطاء، يقال: جاء نبشاً أي: مبطئاً متأخراً، والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه، وعن ابن عباس قال: يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا.

{ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ }، أي: من الآخرة إلى الدنيا.