{إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}، أي: عادوه بطاعة الله ولا تطيعوه، {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ}، أي: أشياعه وأولياءه، {لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ}، أي: ليكونوا في السعير، ثم بيّن حال موافقيه ومخالفيه فقال:
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.
قوله تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ}، قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة. وقال سعيد بن جبير: نزلت في أصحاب الأهواء والبدع.
وقال قتادة: منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، فأما أهل الكبائر فليسوا منهم لأنهم لا يستحلون الكبائر.
{أَفَمَن زُيِّنَ} شُبِّه ومُوِّه عليه وحُسِّنَ {لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ} أي: قبيح عمله، {فَرَءَاهُ حَسَناً}، زين له الشيطان ذلك بالوسواس.
وفي الآية حذف مجازه: أفمن زُيّن له سوء عمله فرأى الباطل حقاً كمن هداه الله فرأى الحق حقاً والباطل باطلاً، {فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ}.
وقيل: جوابه تحت قوله: {فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَٰتٍ}، فيكون معناه: أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة، أي تتحسر عليه فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير مجازه: أفمن زُيّن له سوء عمله فرآه حسناً فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر، ومعنى الآية: لا تغتم بكفرهم وهلاكهم إن لم يؤمنوا.
وقرأ أبو جعفر: "فلا تُذْهِب" بضم التاء وكسر الهاء "نَفْسَك" نصب، {إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.