التفاسير

< >
عرض

وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ
١٠٤
قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٠٥
إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ
١٠٦
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
١٠٧
-الصافات

معالم التنزيل

{ وَنَـٰدَيْنَـٰهُ }، الواو في "وناديناه" مقحمة صلة، مجازه: ناديناه كقوله: { وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِى غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ } [يوسف: 15]، أي: أوحينا إليه، فنودي من الجبل، { أَن يٰإِبْرَٰهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ }، تمّ الكلام هاهنا ثم ابتدأ فقال: { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ }، والمعنى: إنا كما عفونا إبراهيم عن ذبح ولده نجزي من أحسن في طاعتنا، قال مقاتل: جزاه الله بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه.

{ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ }، الاختبار الظاهر حيث اختبره بذبح ابنه. وقال مقاتل: البلاء هاهنا النعمة، وهي أن فدي ابنه بالكبش.

فإن قيل: كيف قال: قد صدقت الرؤيا، وكان قد رأى الذبح ولم يذبح؟.

قيل: جعله مصدقاً لأنه قد أتى بما أمكنه، والمطلوب إسلامهما لأمر الله تعالى وقد فعلا.

وقيل: كان قد رأى في النوم معاجلة الذبح ولم ير إراقة الدم، وقد فعل في اليقظة ما رأى في النوم، فلذلك قال له: "قد صدقت الرؤيا".

{ وَفَدَيْنَـٰهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }، فنظر إبراهيم فإذا هو بجبريل ومعه كبش أملح أقرن، فقال: هذا فداء لابنك فاذبحه دونه، فكبّر جبريل، وكبّر الكبش، وكبّر ابنه، فأخذ إبراهيم الكبش فأتى به المنحر من منى فذبحه.

قال أكثر المفسرين: كان ذلك الكبش رعى في الجنة أربعين خريفاً.

وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الذي قربه ابن آدم هابيل.

قال سعيد بن جبير: حقَّ له أن يكون عظيماً. قال مجاهد: سماه عظيماً لأنه متقبل. وقال الحسين بن الفضل: لأنه كان من عند الله. وقيل: عظيم في الشخص. وقيل: في الثواب.

وقال الحسن: ما فدي إسماعيل إلا بتيس من الأروى أُهبط عليه من ثبير.