التفاسير

< >
عرض

وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ
١٤٦
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ
١٤٧
-الصافات

معالم التنزيل

{ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ }، أي: له، وقيل: عنده، { شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ }، يعني: القرع، على قول جميع المفسرين.

وقال الحسن ومقاتل: كل نبت يمتد وينبسط على وجه الأرض ليس له ساق ولا يبقى على الشتاء نحو القرع والقثاء والبطيخ فهو يقطين.

قال مقاتل بن حيان: فكان يونس يستظل بالشجرة، وكانت وعلة تختلف إليه فيشرب من لبنها بكرة وعشية حتى اشتد لحمه ونبت شعره وقوي، فنام نومة فاستيقظ وقد يبست الشجرة فحزن حزناً شديداً وأصابه أذى الشمس فجعل يبكي، فبعث الله تعالى إليه جبريل وقال: أتحزن على شجرة ولا تحزن على مائة ألف من أمتك وقد أسلموا وتابوا.

فإن قيل: قال هاهنا: { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ }, وقال في موضع آخر: { { لَّوْلآَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ } [القلم: 49]، فهذا ما يدل على أنه لم ينبذ؟.

قيل: "لولا" هناك يرجع إلى الذم، معناه: لولا نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم، ولكن تداركه بالنعمة فنبذ، وهو غير مذموم.

قوله عزَّ وجلَّ: { وَأَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلْفٍ }، قال قتادة: أُرسِل إلى أهل نينوى من أرض الموصل قبل أن يصيبه ما أصابه، وقوله: "وأرسلناه" أي: وقد أرسلناه، وقيل: كان إرساله بعد خروجه من بطن الحوت إليهم، وقيل: إلى قوم آخرين. { أَوْ يَزِيدُونَ }، قال ابن عباس: معناه ويزيدون "أو" بمعنى الواو كقوله: { { عُذْراً أَوْ نُذْراً } [المرسلات: 6], وقال مقاتل والكلبي: معناه بل يزيدون. وقال الزجاج: "أو" هاهنا على أصله، ومعناه: أو يزيدون على تقديركم وظنكم، كالرجل يرى قوماً فيقول: هؤلاء ألف أو يزيدون، فالشك على تقدير المخلوقين، والأكثرون على أن معناه: ويزيدون.

واختلفوا في مبلغ تلك الزيادة فقال ابن عباس ومقاتل: كانوا عشرين ألفاً، ورواه أُبيّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الحسن: بضعاً وثلاثين ألفاً. وقال سعيد بن جبير: سبعين ألفاً.