التفاسير

< >
عرض

فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
١٥٧
وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
١٥٨
سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ
١٥٩
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
١٦٠
فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ
١٦١
مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ
١٦٢
إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ
١٦٣
وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
١٦٤
-الصافات

معالم التنزيل

{ فَأْتُواْ بِكِتَـٰبِكُمْ }، الذي لكم فيه حجة، { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ }، في قولكم.

{ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً }. قال مجاهد وقتادة: أراد بالجِنّة: الملائكة، سُمّوا جِنّة لاجتنانهم عن الأبصار.

وقال ابن عباس: حي من الملائكة يقال لهم الجن، ومنهم إبليس، قالوا: هم بنات الله.

وقال الكلبي: قالوا - لعنهم الله - بل تزوج من الجن فخرج منها الملائكة، تعالى الله عن ذلك، وقد كان زعم بعض قريش أن الملائكة بنات الله، تعالى الله، فقال أبو بكر الصديق: فمن أمهاتهم؟ قالوا: سروات الجن.

وقال الحسن: معنى النسب أنهم أشركوا الشياطين في عبادة الله، { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ }، يعني قائلي هذا القول، { لَمُحْضَرُونَ }، في النار، ثم نزه نفسه عمّا قالوا فقال:

{ سُبْحَـٰنَ ٱللهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلاَّ عِبَادَ ٱللهِ ٱلْمُخْلَصِينَ }، هذا استثناء من المحضرين، أي: أنهم لا يحضرون.

قوله عزّ وجلّ: { فَإنَّكُمْ }، يقول لأهل مكة: { وَمَا تَعْبُدُونَ }، من الأصنام.

{ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ }، على ما تعبدون، { بِفَـٰتِنِينَ }، بمضلين أحداً.

{ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ }, إلا من قدَّر الله أنه سيدخل النار، أي: سبق له في علم الله الشقاوة.

قوله عزّ وجلّ: { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ }, يقول جبرائيل للنبي صلى الله عليه وسلم وما منا معشر الملائكة إلا له مقام معلوم, أي: ما منا ملك إلا له مقام معلوم في السموات يعبد الله فيه.

قال ابن عباس: ما في السموات موضع شبر إلاَّ وعليه ملك يصلي أو يسبح.

وروينا عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أطَّت السماءُ، وحقَّ لها أن تئط، والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربعة أصابع إلاّ وملك واضع جبهته ساجداً لله" .

قال السدي: إلا له مقام معلوم في القربة والمشاهدة.

وقال أبو بكر الوراق: إلاَّ له مقام معلوم يعبد الله عليه، كالخوف والرجاء والمحبة والرضا.