{ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً}، خلطاً ومزاجاً، {مِّنْ حَمِيمٍ}، من ماء حار شديد الحرارة، يقال: لهم إذا أكلوا الزقوم: اشربوا عليه الحميم، فيشوب الحميم في بطونهم الزقوم فيصير شوباً لهم.
{ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ}، بعد شرب الحميم، {لإِلَى ٱلْجَحِيمِ}، وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه وهو خارج من الحميم كما تورد الإِبل الماء، ثم يردون إلى الجحيم، دلَّ عليه قوله تعالى:
{ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ } [الرحمن: 44]، وقرأ ابن مسعود: (ثم إن مقيلهم لإِلى الجحيم). {إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ} وجدوا، {ءَابَآءَهُمْ ضَآلِّينَ * فَهُمْ عَلَىٰ ءَاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}، يسرعون، قال الكلبي: يعملون مثل أعمالهم.
{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ ٱلأَوَّلِينَ}، من الأمم الخالية.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ * فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُنذَرِينَ}، الكافرين أي: كان عاقبتهم العذاب.
{إِلاَّ عِبَادَ ٱللهِ ٱلْمُخْلَصِينَ}، الموحدين نجوا من العذاب.
قوله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ}، دعا ربه على قومه فقال:
{ أَنُّى مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [القمر: 10] {فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ} نحن، يعني: أجبنا دعاءه وأهلكنا قومه. {وَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ}، الغم العظيم الذي لحق قومه وهو الغرق.
{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَـٰقِينَ}، وأراد أن الناس كلهم من نسل نوح. روى الضحاك عن ابن عباس قال: لما خرج نوح من السفينة مات من كان معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءهم.
قال سعيد بن المسيب، كان ولد نوح ثلاثة: سام وحام ويافث، فسام أبو العرب وفارس والروم، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك والخزر ويأجوج ومأجوج وما هنالك.