{ قَالُواْ }، يعني: الأتباع، { رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا }، أي: شرعه وسنَّه لنا، { فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى ٱلنَّارِ }، أي: ضعِّف عليه العذاب في النار. قال ابن مسعود: يعني: حيَّات وأفاعي.
{ وَقَالُواْ }، يعني صناديد قريش وهم في النار، { مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ }، في الدنيا، { مِّنَ ٱلأَشْرَارِ }، يعنون فقراء المؤمنين: عماراً، وخباباً، وصهيباً، وبلالاً، وسلمان رضي الله عنهم، ثم ذكروا أنهم كانوا يسخرون من هؤلاء، فقالوا: { أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سِخْرِيّاً }، قرأ أهل البصرة، وحمزة، والكسائي:
{ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَـٰهُمْ } وَصْلٌ، ويكسرون الألف عند الابتداء، وقرأ الآخرون بقطع الألف وفتحها على الاستفهام.
قال أهل المعاني: القراءة الأولى أَولى؛ لأنهم علموا أنهم اتخذوهم سِخرياً فلا يستقيم الاستفهام، وتكون "أم" على هذه القراءة بمعنى "بل"، ومن فتح الألف قال: هو على اللفظ لا على المعنى ليعادل "أم" في قوله: { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ }، قال الفراء: هذا من الاستفهام الذي معناه التوبيخ والتعجب، "أم زاغت"، أي: مالت، { عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ }، ومجاز الآية: ما لنا لا نرى هؤلاء الذين اتخذناهم سخريّاً لم يدخلوا معنا النار؟ أم دخلوها فزاغت عنهم أبصارنا، فلم نرهم حين دخلوها.
وقيل: أم هم في النار ولكن احتجبوا عن أبصارنا؟
وقال ابن كيسان: أم كانوا خيراً منّا ولكن نحن لا نعلم، فكانت أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدهم شيئاً.
{ إِنَّ ذَلِكَ }، الذي ذكرت، { لَحَقٌّ } ثم بيَّن فقال، { تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ }، أي: تخاصم أهل النار في النار لحقٌّ.
{ قُلْ }، يا محمد لمشركي مكة، { إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ }، مخوف، { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللهُ ٱلْوَٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ }.