قوله تعالى: { إِنْ يَشَأ يُذْهِبْكُمْ }، يُهلككم { أيُّهَا ٱلنَّاسُ }، يعني: الكفار، { وَيَأْتِ بِـآخَرِينَ }، يقول بغيركم خير منكم وأطوع، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَدِيراً } قادراً.
{ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } يُريد من كان يريد بعمله عَرَضاً من الدنيا ولا يريد بها اللّهَ عزّ وجلّ آتاه الله من عَرَضِ الدنيا أو دفع عنه فيها ما أراد الله، وليس له في الآخرة من ثواب، ومن أراد بعمله ثواب الآخرة آتاه الله من الدنيا ما أحب وجزاه الجنة في الآخرة: { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً }.
قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءِ للَّهِ }، يعني: كونوا قائمين بالشهادة بالقسط، أي: بالعدل لله، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كونوا قوامين بالعدل في الشهادة على من كانت، { وَلَوْ عَلَىۤ أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ } في الرحم، أي: قُولُوا الحقَّ ولو على أنفسكم بالإِقرار أو الوالدين والأقربين، فأقيموها عليهم لله، ولا تُحابوا غنياً لغناه ولا ترحموا فقيراً لفقره، فذلك قوله تعالى: { إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا }، منكم، أي أقيموا على المشهُود عليه وإن كان غنياً وللمشهود له وإن كان فقيراً فالله أولى بهما منكم، أي كِلُوا أمرَهما إلى الله. وقال الحسن: معناه الله أعلم بهما، { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ }، أي تجوروا وتميلوا إلى الباطل من الحق، وقيل: معناه لا تتبعوا الهوى لتعدلوا، أي: لتكونوا عادلين كما يقال: لا تتبع الهوى لترضي ربك.
{ وَإِن تَلْوُواْ } أي: تحرفوا الشهادة لتبطلوا الحق { أَوْ تُعْرِضُواْ } عنها فتكتموها ولا تقيموها، ويقال: تلووا أي تدافعوا في إقامة الشهادة، يقال: لَوَيْتَهَ حقَّه إذا دفعتَه، ومطلتَه، وقيل: هذا خطاب مع الحكام في ليِّهم الأشداق، يقول: وإن تلووا أي تميلوا إلى أحد الخصمين أو تعرضوا عنه، قرأ ابن عامر وحمزة { تَلُوا } بضم اللام، قيل: أصله تلووا، فحذفت إحدى الواوين تخفيفاً، وقيل: معناه وإن تلوا القيام بأداء الشهادة أو تعرضوا فتتركوا أداءَها { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }.