التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً
٤٩
-النساء

معالم التنزيل

قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } الآية، قال الكلبي: نزلت في رجال من اليهود منهم بحري بن عمرو والنعمان بن أوفى ومرحب بن زيد، أتوا بأطفالهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ فقال: لا، قالوا: ما نحن إلا كهيئتهم، ما عَمِلْنَا بالنهار يُكفّر عنّا بالليل، وما عملنا بالليل يكفر عنا بالنهار، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال مجاهد وعكرمة: كانوا يقدِّمون أطفالهم في الصلاة، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم فتلك التزكية. وقال الحسن والضحاك وقتادة ومقاتل: نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه، { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [البقرة: 111] وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هو تزكية بعضهم لبعض.

روى طارق بن شهاب عن ابن مسعود قال: إن الرجل ليغدو من بيته ومعه دِينُه فيأتي الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضراً ولا نفعاً فيقول: والله إنك كيتَ وكيتَ!! ويرجع إلى بيته وما معه من دِينهِ شيء، ثم قرأ: «ألَمْ تَرَ إلى الذين يُزكُّون أنفسَهم»، الآية. قوله تعالى: { بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّى } أي: يُطهر ويُبرّئ من الذنوب ويُصلح، { مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } وهو اسمٌ لِمَا في شِقّ النَّواة، والقطمير اسم للقشرة التي على النَّواة، والنقير اسم للنقطة التي على ظهر النَّواة، وقيل: الفتيل من الفتل وهو ما يجعل بين الأصبعين من الوسخ عند الفتل.