التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً
٧٠
يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً
٧٢
-النساء

معالم التنزيل

{ ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً } أي: بثواب الآخرة، وقيل: بمن أطاع رسول الله وأحبَّه، وفيه بيان أنهم لن ينالوا تلك الدرجة بطاعتهم، وإنّما نالُوها بفضل الله عزّ وجلّ.

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا حاجب بن أحمد الطوسي أنا عبد الرحيم بن منيب أنا يعلى بن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "قارِبُوا وسَدِّدُوا واعلمُوا أنه لا ينجو أحدٌ منكم بِعَمَلِهِ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدنيَ الله برحمة منه وفضل" . قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ }، من عدوِّكم، أي: عدّتكم وآلتكم من السلاح، والحِذْرُ والحَذَرُ واحد، كالمِثْل والمَثَل والشِّبْهِ والشَّبَهِ، { فَٱنفِرُواْ } اخْرُجُوا { ثُبَاتٍ } أي: سرايا متفرقين سرية بعد سرية، والثبات جماعات في تفرقة واحدتها ثبة، { أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً } أي: مجتمعين كلكم مع النبي صلّى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: { وإِنَّ مِنْكُم لَمَنْ لَّيُبَطِّئَنَّ }، نزلت في المنافين. وإنما قال { مِنْكُمْ } لاجتماعهم مع أهل الإِيمان في الجنسية والنسبِ وإظهارِ الإِسلام، لا في حقيقة الإِيمان، { لَّيُبَطِّئَنَّ } أي: ليتأخرنّ، وليتثاقلنَّ عن الجهاد، وهو عبد الله بن أُبَيّ المنافق، واللام في { لَّيُبَطِّئَنَّ } لام القسم، والتبطئة: التأخر عن الأمر، يُقال: ما أبطأ بك؟ أي: ما أخَّرك عنّا؟ ويقال: أبْطَأ إبطاءً وبَطَّأ يبطِّئُ تَبْطِئَةً. { فَإِنْ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } أي: قتلٌ وهزيمة، { قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَىَّ } بالقُعود، { إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً }، أي: حاضراً في تلك الغزاة فيصيبني ما أصابهم.