قوله عزّ وجلّ: {فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}، وذلك أن هوداً عليه السلام هددهم بالعذاب، فقالوا: من أشد منّا قوة؟ نحن نقدر على دفع العذاب عنّا بفضل قوتنا، وكانوا ذوي أجسام طوال، قال الله تعالى رداً عليهم: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِـئايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ}.
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً}، عاصفا شديدة الصوت، من الصِّرة وهي الصيحة. وقيل: هي الباردة من الصِّر وهو البرد، {فِىۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ}، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب "نَحْسات" بسكون الحاء، وقرأ الآخرون بكسرها أي: نكدات مشؤومات ذات نحوس. وقال الضحاك: أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين، ودامت الرياح عليهم من غير مطر، {لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ}، أي: عذاب الهون والذل، {فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلأَخِرَةِ أَخْزَىٰ}، أشد إهانة {وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ}.
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ}، دعوناهم، قاله مجاهد، وقال ابن عباس: بينّا لهم سبيل الهدى. وقيل: دللناهم على الخير والشر، كقوله:
{ هَدَيْنَـٰهُ السَّبيل } [الإنسان:3]، {فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ}، فاختاروا الكفر على الإيمان، {فَأَخَذَتْهُمْ صَـٰعِقَةُ ٱلْعذابِ}، أي: هلكة العذاب، {ٱلْهُونِ}، أي: ذي الهون، أي: الهوان، وهو الذي يهينهم ويخزيهم، {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}. {وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ * وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللهِ إِلَى ٱلنَّارِ}، قرأ نافع ويعقوب: "نحشر" بالنون، "أعداءَ" نصب، وقرأ الآخرون بالياء ورفعها وفتح الشين "أعداءُ" رفع أي: يجمع إلى النار، {فَهُمْ يُوزَعُونَ}، يساقون ويدفعون إلى النار، وقال قتادة والسدي: يُحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا.