التفاسير

< >
عرض

فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ
١٠
يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ
١١
رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ
١٢
-الدخان

معالم التنزيل

{ فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } اختلفوا في هذا الدخان:

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن كثير، عن سفيان، حدثنا منصور والأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: بينما رجل يحدث في كندة، فقال: يجيء دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمن [كهيئة] الزكام، ففزعنا فأتيت ابنَ مسعود وكان متكئاً فغضب فجلس؟ فقال: من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم، فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: { { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } [ص: 86]، "وإنّ قريشاً أبطؤوا عن الإِسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم أعنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف" ، فأخذتهم سَنَةٌ حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان، فجاء أبو سفيان فقال: يا محمد جئتَ تأمر بصلة الرحم، وإن قومك قد هلكُوا فادْعُ الله لهم، فقرأ: { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } إلى قوله: { إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ }، أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء؟ ثم عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله: { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ }، يوم بدر، و(لزاماً) يوم بدر، { الۤـمۤ غُلِبَتِ ٱلرُّومُ } إلى قوله { سَيَغْلِبُونَ } [الروم: 3]، والروم قد مضى.

ورواه محمد بن إسماعيل عن يحيى عن وكيع عن الأعمش، قال: قالوا: { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ }، فقيل له: إن كشفنا عنهم عادوا إلى كفرهم، فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر، فذلك قوله: { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } إلى قوله: { إِنَّا مُنتَقِمُونَ }.

أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد الله قال: خمس قد مضين اللّزامُ والرومُ والبطشةُ والقمرُ والدخانُ.

وقال قوم: هو دخان يجيء قبل قيام الساعة ولم يأت بعد، فيدخل في أسماع الكفار والمنافقين حتى يكون كالرأس الحنيذ، ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه النار، وهو قول ابن عباس وابن عمر والحسن.

أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرنا عقيل بن محمد الجرجاني، حدثنا أبو الفرج المعافى بن زكريا البغدادي، حدثنا محمد بن جرير الطبري، حدثني عصام بن رواد بن الجراح، حدثنا أبي، أخبرنا أبو سفيان بن سعيد، حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أول الآيات الدخان، ونزول عيسى ابن مريم، ونار تخرج من قعر عدن أبين، تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا، قال حذيفة: يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا هذه الآية:{ يَوْمَ تَأْتِى ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ }، يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام، وأما الكافر فكمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره" .