التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوۤاْ آمَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ
١١١
إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ قَالَ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
١١٢
-المائدة

معالم التنزيل

{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ }، ألهمتُهم وقذفت في قلوبهم، وقال أبو عبيدة يعني أمرت و { إِلى } صلة، والحواريون خواص أصحاب عيسى عليه السلام، { أَنْ ءَامِنُواْ بِى وَبِرَسُولِى }، [عيسى]، { قَالوا } حين وفقتهم { ءَامَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ }.

{ إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ }، قرأ الكسائي "هل تستطيع" بالتاء "ربَّك" بنصب الباء هي قراءة علي وعائشة وابن عباس ومجاهد، أي: هل تستطيع أن تدعو وتسأل ربك، وقرأ الآخرون "هل يستطيع" بالياء، و "وربُّك" برفع الباء، ولم يقولوه شاكّين في قدرة الله عزّ وجلّ، ولكن معناه هل ينزل ربك أم لا؟ كما يقول الرجل لصاحبه هل تستطيع أن تنهض معي وهو يعلم أنه يستطيع، وإنما يريد هل يفعل ذلك أم لا، وقيل: يستطيع بمعنى يطيع، يقال: أطاع واستطاع بمعنى واحد، كقوله: أجاب واستجاب، معناه: هل يطيعك ربك بإجابة سؤالك؟ وفي الآثار من أطاع الله أطاعه الله، وأجرى بعضهم على الظاهر، فقالوا: غلط القوم، وقالوه قبل استحكام المعرفة وكانوا بشراً، فقال لهم عيسى عليه السلام: عند الغلط استعظاماً لقولهم { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }، أي: لا تشكّوا في قدرته.

{ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ }، المائدة الخوان الذي عليه الطعام، وهي فاعلة من: مادَهُ يميدُهُ إذا أعطاه وأطعمه، كقوله ماره يميره، وامتاد: افتعل منه، والمائدة هي الطعمة للآكلين الطعام، وسمي الطعام أيضاً مائدة على الجواز، لأنه يؤكل على المائدة، وقال أهل الكوفة: سُمّيت مائدة لأنها تميد بالآكلين، أي: تميل، وقال أهل البصرة: فاعلة بمعنى المفعول، يعني: ميد بالآكلين إليها؛ كقوله تعالى (عيشة راضية)، أي: مرضية، { قَال } عيسى عليه السلام مجيباً لهم: { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }، فلا تشكّوا في قدرته، وقيل: اتّقوا اللَّهَ أن تسألوه شيئاً لم يسأله الأمم قبلكم، فنهاهم عن اقتراح الآيات بعد الإيمان.