التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
١٢
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ
١٣
وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
١٤
أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
١٥
وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ
١٦
إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ
١٧

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَـٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَٰنُ لُوطٍ * وَأَصْحَـٰبُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ }، وهو تُبَّع الحميري، واسمه أسعد أبو كرب، قال قتادة: ذم الله تعالى قوم تبع ولم يذمه، ذكرنا قصته في سورة الدخان.

{ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ }، أي: كل من هؤلاء المذكورين كذب الرسل، { فَحَقَّ وَعِيدِ }، وجب لهم عذابي. ثم أنزل جواباً لقولهم "ذلك رجع بعيد".

{ أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ }، يعني: أعجزنا حين خلقناهم أولاً فنعيا بالإِعادة. وهذا تقرير لهم لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث، ويقال لكل من عجز عن شيء: عيي به. { بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ }، أي في شكٍ، { مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }، وهو البعث.

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ }، يحدث به قلبه ولا يخفى علينا سرائره وضمائره، { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ }، أعلم به، { مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ }، لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضاً، ولا يحجب علمَ الله شيءٌ و"حبل الوريد": عرق العنق، وهو عرق بين الحلقوم والعلباوين، يتفرق في البدن، والحبل هو الوريد، فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين.

{ إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ }، أي: يتلقى ويأخذ الملكان الموكلان بالإِنسان عمله ومنطقه يحفظانه ويكتبانه، { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ }، أي أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، فالذي عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات. { قَعِيدٌ }، أي: قاعد، ولم يقل قعيدان، لأنه أراد: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، فاكتفى بأحدهما عن الآخر، هذا قول أهل البصرة، وقال أهل الكوفة: أراد: قعوداً، كالرسول فجعل للاثنين والجمع، كما قال الله تعالى في الاثنين: { فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [الشعراء:16]، وقيل: أراد بالعقيد الملازم الذي لا يبرح، لا القاعد الذي هو ضد القائم. وقال مجاهد: القعيد الرصيد.