التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ
٢٤
إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ
٢٥
فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ
٢٦
فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ
٢٧
فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ
٢٨
فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
٢٩
قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ
٣٠
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ
٣١
قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
٣٢
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ
٣٣
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ
٣٤
فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٣٥
فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٣٦
وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٣٧
-الذاريات

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَٰهِيمَ }، ذكرنا عددهم في سورة هود، { ٱلْمُكْرَمِينَ }، [قيل: سماهم مكرمين] لأنهم كانوا ملائكة كراماً عند الله، وقد قال الله تعالى في وصفهم: { { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء:26]، وقيل: لأنهم كانوا ضيف إبراهيم وكان إبراهيم أكرم الخليقة، وضيف الكرام مكرمون.

وقيل: لأن إبراهيم عليه السلام أكرمهم بتعجيل قِراهم، والقيام بنفسه عليهم بطلاقة الوجه.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: خدمته إياهم بنفسه.

وروي عن ابن عباس: سماهم مكرمين لأنهم جاؤوا غير مدعوين. وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخر فليكرمْ ضيفَه" .

{ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلَـٰماً قَالَ سَلَـٰمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ }، أي: غرباء لا نعرفكم، قال ابن عباس: قال في نفسه هؤلاء قوم لا نعرفهم. وقيل: إنما أنكر أمرهم لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان. وقال أبو العالية: أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض.

{ فَرَاغَ }، فعدل ومال، { إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ }، مشوي.

{ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ }، ليأكلوا فلم يأكلوا، { قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلَيمٍ * فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ }، أي: صيحة، قيل: لم يكن ذلك إقبالاً من مكان إلى مكان، وإنما هو كقول القائل: أقبل يشتمني، بمعنى أخذ في شتمي، أي أخذت تُوَلْوِلُ كما قال الله تعالى: { { قَالَتْ يَٰوَيْلَتَىٰ } [هود:72]، { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا }، قال ابن عباس: لطمت وجهها. وقال الآخرون: جمعت أصابعها فضربت جبينها تعجباً، كعادة النساء إذا أنكرن شيئاً، وأصل الصّكِّ: ضرب الشيء بالشيء العريض.

{ وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ }، مجازه: أتلدُ عجوز عقيم؟ وكانت سارة لم تلد قبل ذلك. { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ }، أي كما قلنا لك قال ربك إنك ستلدين غلاماً، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ }.

{ قَالَ }، يعني: إبراهيم، { فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ * قَالُوۤاْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ }، يعني: قوم لوط.

{ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُّسَوَّمَةً }، معلّمة، { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ }، قال ابن عباس: للمشركين، والشرك أسرف الذنوب وأعظمها.

{ فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا }، أي: في قرى قوم لوط، { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، وذلك قوله: { { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيْلِ } [هود:81].

{ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ }، أي غير أهل بيت، { مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }، يعني لوطاً وابنتيه، وصفهم الله تعالى بالإِيمان والإِسلام جميعاً لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم.

{ وَتَرَكْنَا فِيهَآ }، أي في مدينة قوم لوط، { ءَايَةً }، عبرة، { لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }، أي: علامة للخائفين تدلهم على أن الله تعالى أهلكهم فيخافون مثل عذابهم.