{ وَفِى مُوسَىٰ }، أي: وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة. وقيل: هو معطوف على قوله: { وَفِى ٱلأَرْضِ ءَايَـٰتٌ لِّلْمُوقِنِينَ }، وفي موسى، { إِذْ أَرْسَلْنَـٰهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ }، بحجة ظاهرة.
{ فَتَوَلَّىٰ }، فأعرض وأدبر عن الإِيمان، { بِرُكْنِهِ }، أي بجمعه وجنوده الذين كان يتقوى بهم، كالركن الذي يقوى به البنيان، نظيره:
{ أَوْ آوِىۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } [هود:80]، { وَقَالَ سَـٰحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ }، قال أبو عبيدة: "أو"، بمعنى الواو. { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمِّ }، أغرقناهم فيه، { وَهُوَ مُلِيمٌ }، أي: آت بما يلام عليه من دعوى الربوبية وتكذيب الرسول.
{ وَفِى عَادٍ }، أي: في إهلاك عاد أيضاً آية، { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ }، وهي التي لا خير فيها ولا بركة ولا تلقح شجراً ولا تحمل مطراً.
{ مَا تَذَرُ مِن شَىْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ }، من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم، { إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَـٱلرَّمِيمِ }، كالشيء الهالك البالي، وهو نبات الأرض إذا يبسَ ودِيسَ. قال مجاهد: كالتبن اليابس. قال قتادة: كرميم الشجر. قال أبو العالية: كالتراب المدقوق. وقيل: أصله من العظم البالي.
{ وَفِى ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ }, يعني وقت فناء آجالهم, وذلك أنهم لما عقروا الناقة قيل لهم: تمتعوا ثلاثة أيام.
{ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ }، بعد مضي الأيام الثلاثة، وهي الموت في قول ابن عباس، قال مقاتل: يعني العذاب، و{ ٱلصَّاعِقَةُ }: كل عذاب مهلك، وقرأ الكسائي: "الصعقة"، وهي الصوت الذي يكون من الصاعقة، { وَهُمْ يَنظُرُونَ }، يرون ذلك عياناً.
{ فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ }، فما قاموا بعد نزول العذاب بهم ولا قدروا على نهوض. قال قتادة: لم ينهضوا من تلك الصرعة، { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ }، ممتنعين منّا. قال قتادة: ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من الله.