التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ
٣٣
فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ
٣٤
أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ
٣٥
أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ
٣٦
أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ ٱلْمُصَيْطِرُونَ
٣٧
-الطور

معالم التنزيل

{ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ }، أي: يخلق القرآن من تلقاء نفسه، "والتَّقَوُّل": تكلّف القول، ولا يستعمل ذلك إلاّ في الكذب، ليس الأمر كما زعموا، { بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ }، بالقرآن استكباراً. ثم ألزمهم الحجة فقال:

{ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ }، أي: مثل القرآن ونظمه وحسن بيانه، { إِن كَانُواْ صَـٰدِقِينَ }، أنَّ محمداً يقوله من قِبَل نفسه.

{ أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ }، قال ابن عباس: من غير ربٍّ، ومعناه: أخلقوا من غير شيءٍ خَلَقَهم فوُجدُوا بلا خالق؟ وذلك مما لا يجوز أن يكون، لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم، فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق، { أَمْ هُمُ ٱلْخَـٰلِقُونَ }، لأنفسهم وذلك في البطلان أشد، لأن ما لا وجود له كيف يخلق.

فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقاً فلْيُؤمنوا به، ذكر هذا المعنى أبو سليمان الخطابي.

وقال الزجَّاج: معناه أخُلِقُوا باطلاً لا يحاسبون ولا يُؤمرون؟ وقال ابن كيسان: أخُلقوا عبثاً وتُركوا سُدىً لا يُؤمرون ولا ينهون، فهو كقول القائل: فعلت كذا وكذا من غير شيء، أي: لغير شيء، أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمرٌ؟

{ أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ }، فيكونوا هم الخالقين، ليس الأمر كذلك، { بَل لاَّ يُوقِنُونَ }.

{ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ }، قال عكرمة: يعني النبوة. قال مقاتل: أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاؤوا؟ قال الكلبي: خزائن المطر والرزق، { أَمْ هُمُ ٱلْمُسَيْطِرُونَ }، المسلطون الجبارون، قال عطاء: أرباب قاهرون فلا يكونوا تحت أمرٍ ونهيٍ، يفعلون ما شاؤوا، ويجوز بالسين والصاد جميعاً، وقرأ ابن عامر بالسين هاهنا وفي قوله: "بمسيطر"، وقرأ حمزة بإشمام الزاي فيهما، وقرأ ابن كثير هاهنا بالسين و"بمصيطر" بالصاد، وقرأ الآخرون بالصاد فيهما.