التفاسير

< >
عرض

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ
١
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ
٢
وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٣
إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ
٤
عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ
٥
ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ
٦
وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ
٧
-النجم

معالم التنزيل

{ وَٱلنَّجْمُ إِذَا هَوَىٰ } قال ابن عباس في رواية الوالبي والعوفي: يعني الثريا إذا سقطت وغابت، وهُوِيُّهُ مَغِيبُه، والعرب تسمي الثريا نجماً.

وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "ما طلع النجم قطُّ وفي الأرض من العاهة شيء إلاّ رُفع" وأراد بالنجم الثريا.

وقال مجاهد: هي نجوم السماء كلها حين تغرب، لفظه واحد ومعناه الجمع، سُمي الكوكب نجماً لطلوعه، وكل طالع نجم، يقال: نَجَمَ السِنُّ، والقرنُ والنبتُ: إذا طلع.

وروي عن عكرمة عن ابن عباس: أنه الرجوم من النجوم، يعني ما تُرمى بها الشياطين عند استراقهم السمع.

وقال أبو حمزة: الثمالي هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة. وقيل: المراد بالنجم القرآن، سُمي نجماً لأنه نزل نجوماً متفرقة في عشرين سنة، وسمي التفريق: تنجيماً، والمفرَّق: منجَّماً، هذا قول ابن عباس في رواية عطاء، وهو قول الكلبي.

"الهُوِيُّ": النزول من أعلى إلى أسفل. وقال الأخفش: "النجم" هو النبت الذي لا ساق له، ومنه قوله عزّ وجلّ: { { وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [الرحمن:6]، وهُويّهُ سُقوطُه على الأرض. وقال جعفر الصادق: يعني محمداً صلى الله عليه وسلم إذ نزل من السماء ليلة المعراج، و"الهوي":، النزول، يقال: هوى يهوي هوياً إذا نزل، مثل مضى يمضي مضياً.

وجواب القسم. قوله: { مَا ضَلَّ صَـٰحِبُكُمْ }، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم ما ضل عن طريق الهدى، { وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ }، أي: بالهوى يريد لا يتكلم بالباطل، وذلك أنهم قالوا: إن محمداً صلى الله عليه وسلم يقول القرآن من تلقاء نفسه.

{ إِنْ هُوَ }، ما نطقه في الدين، وقيل: القرآن، { إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ }، أي: وحيٌ من الله يُوحى إليه.

{ عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ }، وهو جبريل، والقُوى جمع القوة.

{ ذُو مِرَّةٍ }، قوة وشدة في خلقه، يعني جبريل. قال ابن عباس: ذو مرة يعني: ذو منظر حسن. وقال مقاتل: ذو خلق طويل حسن. { فَٱسْتَوَىٰ }، يعني: جبريل.

{ وَهُوَ }، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، وأكثر كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا أن يُظهِروا كناية المعطوف عليه، فيقولون: استوى هو وفلان، وقلما يقولون: استوى وفلان، نظير هذا قوله: { { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ } [النمل:67]، عطف الآباء على المكنى في "كنّا" من غير إظهار نحن، ومعنى الآية: استوى جبريل ومحمد عليهما السلام ليلة المعراج، { بِٱلاُْفُقِ ٱلأَعْلَىٰ }، وهو أقصى الدنيا عند مطلع الشمس، وقيل: "فاستوى" يعني جبريل، وهو كناية عن جبريل أيضاً أي: قام في صورته التي خلقه الله، وهو بالأفق الأعلى، وذلك أن جبريل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه على الصورة التي جُبل عليها فأراه نفسه مرتين:مرة في الأرض ومرة في السماء، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى، والمراد بالأعلى جانب المشرق، وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسدّ الأفق إلى المغرب، فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشياً عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه، وجعل يمسح الغبار عن وجهه، وهو قوله: { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ }، وأما في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.