{ سَيَعْلَمُونَ }، قرأ ابن عامر وحمزة: "ستعلمون"، بالتاء على معنى قال صالح لهم، وقرأ الآخرون بالياء، يقول الله تعالى: { سَيَعْلَمُونَ غَداً }، حين ينزل بهم العذاب. وقال الكلبي: يعني يوم القيامة. وذكر "الغد" للتقريب على عادة الناس، يقولون: إن مع اليوم غداً، { مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ }.
{ إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ }، أي: باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا، وذلك أنهم تعنتوا على صالح، فسألوه أن يخرج لهم من صخرةٍ ناقةً حمراء عُشَراء، فقال الله تعالى: { إِنَّا مُرْسِلُواْ ٱلنَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ }، محنةً واختباراً لهم، { فَٱرْتَقِبْهُمْ }، فانتظر ما هم صانعون، { وَٱصْطَبِرْ }، واصبر على ارتقابهم، وقيل: على ما يصيبك من الأذى.
{ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ ٱلْمَآءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ }، وبين الناقة، يوم لها ويوم لهم، وإنما قال نبيهم لأن العرب إذا أخبرت عن بني آدم وعن البهائم غلَّبت بني آدم على البهائم، { كُلُّ شِرْبٍ }، نصيب من الماء، { مُّحْتَضَرٌ }, يحضره من كانت نوبته، فإذا كان يومها حضرت شربها، وإذا كان يومهم حضروا شربهم، وحضر واحتضر بمعنى واحد، قال مجاهد: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة، فإذا جاءت الناقة حضروا اللبن.
{ فَنَادَوْاْ صَـٰحِبَهُمْ }، وهو قدار بن سالف، { فَتَعَاطَىٰ }، فتناول الناقة بسيفه { فَعَقَرَ }، أي فعقرها.
{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ }، ثم بين عذابهم. فقال:
{ إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَٰحِدَةً }، قال عطاء: يريد صيحة جبريل عليه السلام، { فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ }، قال ابن عباس: هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة من الشجر والشوك دون السباع، فما سقط من ذلك فداسته الغنم فهو الهشيم.
وقال ابن زيد: هو الشجر البالي الذي تهشم حتى ذرَته الريح، والمعنى: أنهم صاروا كيبس الشجر إذا تحطم، والعرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً.
وقال قتادة: كالعظام النخرة المحترقة. وقال سعيد بن جبير: هو التراب الذي يتناثر من الحائط.