قوله عزّ وجلّ: { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ }، يعني: نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم، { وَنُنشِئَكُمْ }، نخلقكم { فِيمَا لاَ تَعْلَمُون }، من الصور، قال مجاهد: في أي خلق شئنا. وقال الحسن: أي نبدل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير, كما فعلنا بمن كان قبلكم، يعني: إن أردنا أن نفعل ذلك ما فاتنا ذلك. وقال سعيد بن المسيب: "فيما لا تعلمون" يعني: في حواصل طير سود, تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف, وبرهوت وادٍ باليمن.
{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ }، الخلقة الأولى ولم تكونوا شيئاً. { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ }، أني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم.
{ أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ }، يعني: تثيرون من الأرض وتلقون فيها من البذر.
{ ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ }، تنبتونه، { أَمْ نَحْنُ الزَّٰرِعُونَ }، المنبتون.
{ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَٰهُ حُطَـٰماً }، قال عطاء: تبناً لا قمح فيه، وقيل: هشيماً لا ينتفع به في مطعم وغذاء, { فَظَلْتم }، وأصلُه: فظللتم، حذفت إحدى اللامين تخفيفاً. { تَفَكَّهون }، تتعجبون بما نزل بكم في زرعكم، وهو قول عطاء والكلبي ومقاتل: وقيل: تندمون على نفقاتكم، وهو قول يمان، نظيره:
{ { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنفَقَ فِيهَا } [الكهف: 42]، وقال الحسن: تندمون على ما سلف منكم من المعصية التي أوجبت تلك العقوبة. وقال عكرمة: تتلاومون. قال ابن كيسان: تحزنون. قال الكسائي: هو تلهف على ما فات, وهو من الأضداد، تقول العرب: "تفكهت" أي: تنعمت و"تفكهت" أي حزنت. { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ }، قرأ أبو بكر عن عاصم "أئنا" بهمزتين, وقرأ الآخرون على الخبر، ومجاز الآية: فظلتم تفكهون وتقولون إنا لمغرومون. وقال مجاهد وعكرمة لمولَع بنا. وقال ابن عباس وقتادة: معذبون، والغرام العذاب. وقال الضحاك وابن كيسان: غرمنا أموالنا وصار ما أنفقنا غرماً علينا، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض.