التفاسير

< >
عرض

فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً
٦
وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً
٧
فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ
٨
وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ
٩
وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ
١٠
-الواقعة

معالم التنزيل

{ فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً }، غباراً متفرقاً كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل الكوة وهو الهباء.

{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً }، أصنافاً، { ثلاثة }. ثم فسرها فقال:

{ فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ }، هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، وقال ابن عباس: هم الذين كانوا على يمين آدم حين أخرجت الذرية من صلبه، وقال الله تعالى لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي. وقال الضحاك: هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم. وقال الحسن والربيع: هم الذين كانوا ميامين مباركين على أنفسهم، وكانت أعمارهم في طاعة الله وهم التابعون بإحسان، ثم عجَّب نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: { مَآ أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ }، وهذا كما يقال: زيد ما زيد! يراد زيد شديد.

{ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ مَآ أَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ }، يعني أصحاب الشمال، والعرب تسمي اليد اليسرى الشؤمى، ومنه يسمى الشام واليمن، لأن اليمن عن يمين الكعبة والشام عن شمالها، وهم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار.

وقال ابن عباس: هم الذين كانوا على شمال آدم عند إخراج الذرية وقال الله لهم: هؤلاء في النار ولا أبالي.

وقال الضحاك: هم الذين يؤتون كتبهم بشمالهم. وقال الحسن: هم المشائيم على أنفسهم وكانت أعمارهم في المعاصي.

{ وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ }، قال ابن عباس: السابقون إلى الهجرة هم السابقون في الآخرة. وقال عكرمة: السابقون إلى الإسلام. قال ابن سيرين: هم الذين صلوا إلى القبلتين، دليله قوله: { وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنصَـٰرِ } [التوبة: 100].

قال الربيع بن أنس: السابقون إلى إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى.

وقال مقاتل: إلى إجابة الأنبياء بالإيمان.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: إلى الصلوات الخمس. وقال الضحاك: إلى الجهاد.

وقال سعيد بن جبير: هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر. قال الله تعالى: { { سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [الحديد: 21]، { وسَارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } [آل عمران: 133].

ثم أثنى عليهم فقال: { أُوْلَـٰئِكَ يُسَـٰرِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَٰتِ وَهُمْ لَهَا سَـٰبِقُونَ }، قال ابن كيسان: والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه.

وروي عن كعب قال: هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة. وقيل: هم أولهم رواحاً إلى المسجد وأولهم خروجاً في سبيل الله. وقال القرظي: إلى كل خير.