التفاسير

< >
عرض

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
٦٧
أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ
٦٨
ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ
٦٩
لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ
٧٠
أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ
٧١
أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ
٧٢
نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ
٧٣
-الواقعة

معالم التنزيل

{ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ }، محدودون ممنوعون، أي حرمنا ما كنا نطلبه من الريع في الزرع.

{ أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِى تَشْرَبُونَ * ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلمُزْنِ }، السحاب، واحدتها: مُزْنَة، { أمْ نَحْنُ ٱلمُنْزِلُون * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَٰهُ أُجَاجاً } قال ابن عباس: شديد الملوحة، قال الحسن: مراً. { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ }.

{ أفَرَأيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } تقدحون وتستخرجون من زندكم.

{ ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ }، التي تقدح منها النار, وهي المرخ والعفار، { أَمْ نَحْنُ ٱلمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَٰهَا تَذْكِرَةً }، يعني نار الدنيا, تذكرة للنار الكبرى إذا رآها الرائي ذكر جهنم، قاله عكرمة ومجاهد ومقاتل. وقال عطاء: موعظة يتعظ بها المؤمن.

أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي, أنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه, حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب عن مالك. عن أبي الزناد عن الأعرج, عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: يا رسول الله إن كانت لكافية، قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً" .

{ وَمَتَٰعاً }، بُلْغة ومنفعة، { لِلمُقْوِينَ }، المسافرين, و"المقوي": النازل في الأرض والقِيُّ والقوا هو: القفر الخالية البعيدة من العمران, يقال: أقوت الدار إذا خلت من سكانها. والمعنى: أنه ينتفع بها أهل البوادي والأسفار، فإن منفعتهم بها أكثر من منفعة المقيم وذلك أنهم يوقدونها ليلاً لتهرب منهم السباع ويهتدي بها الضُّلاَّل وغير ذلك من المنافع، هذا قول أكثر المفسرين.

وقال مجاهد وعكرمة: "للمقوين" يعني للمستمتعين بها من الناس أجمعين، المسافرين والحاضرين, يستضيئون بها في الظلمة ويصطلون من البرد، وينتفعون بها في الطبخ والخبز.

قال الحسن: بُلْغة للمسافرين, يتبلغون بها إلى أسفارهم, يحملونها في الخرق والجواليق.

وقال ابن زيد: للجائعين, تقول العرب: أقويت منذ كذا وكذا, أي: ما أكلت شيئاً.

قال قطرب: "المقوي" من الأضداد, يقال للفقير: مقوٍ لخلوه من المال، ويقال للغني: مقوٍ، لقوَّته على ما يريد، يقال: أقوى الرجل إذا قويت دوابه وكثر ماله، وصار إلى حالة القوة. والمعنى أن فيها متاعاً للأغنياء والفقراء جميعاً لا غنى لأحد عنها.