قوله عزّ وجلّ: { فَلَوْلاَ }، فهلا، { إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُوم }، أي بلغت النفس الحلقوم عند الموت.
{ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ }، يريد وأنتم يا أهل الميت تنظرون إليه متى تخرج نفسه. وقيل: معنى قوله "تنظرون" أي إلى أمري وسلطاني لا يمكنكم الدفع ولا تملكون شيئاً. { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ }، بالعلم والقدرة والرؤية. وقيل: ورسلنا الذين يقبضون روحه أقرب إليه منكم، { وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُون }، الذين حضروه.
{ فَلَوْلاَ }، فهلا { إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِين }، مملوكين، وقال أكثرهم: محاسبين ومجزيين. { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ }، أي تردون نفس هذا الميت إلى جسده بعدما بلغت الحلقوم, فأجاب عن قوله: { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ }، وعن قوله { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } بجواب واحد، ومثله قوله عزّ وجلّ:
{ { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } [البقرة: 38] أجيبا بجواب واحد، معناه: إن كان الأمر كما تقولون - أنه لا بعث ولا حساب ولا إله يجازي - فهلا تردون نفس من يعز عليكم إذا بلغت الحلقوم، وإذ لم يمكنكم ذلك فاعلموا أن الأمر إلى غيركم وهو الله عزّ وجلّ فآمنوا به. ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت وبين درجاتهم فقال: { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ }، وهم السابقون, { فَرَوْحٌ } قرأ يعقوب { فَرُوحٌ }، بضم الراء, والباقون بفتحها, فمن قرأ بالضم، قال الحسن معناه: تخرج روحه في الريحان، وقال قتادة: الروح الرحمة أي له الرحمة، وقيل: معناه فحياة وبقاء لهم.
ومن قرأ بالفتح, معناه: فله رَوْح وهو الراحة، وهو قول مجاهد. وقال سعيد بن جبير: فرح. وقال الضحاك: مغفرة ورحمة.
{ وَرَيْحَانٌ }، استراحة. وقال مجاهد وسعيد بن جبير: رزق. وقال مقاتل: هو الرزق بلسان حمير، يقال: خرجت أطلب ريحان الله, أي رزق الله.
وقال آخرون: هو الريحان الذي يُشَمُّ. قال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين الدنيا حتى يُؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه.
{ وَجَنَّةُ نَعِيمْ }، قال أبو بكر الوراق: "الرَّوح" النجاة من النار, و"الريحان" دخول دار القرار.