قوله عزّ وجلّ: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَـٰتِ }, بالآيات والحجج، { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْمِيزَانَ } يعني العدل. وقال مقاتل بن سليمان: هو ما يوزن به، أي: ووضعنا الميزان كما قال:
{ { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ المِيزان } [الرحمن: 7] { لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِالقِسْطِ }، ليتعاملوا بينهم بالعدل. { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ }, روي عن ابن عمر يرفعه: إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: الحديد, والنار, والماء, والملح.
وقال أهل المعاني معنى قوله: { أَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ }، أنشأنا وأحدثنا، أي: أخرج لهم الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه.
وقال قطرب: هذا من النُّزُل كما يقال: أنزل الأمير على فلان نزلاً حسناً, فمعنى الآية: أنه جعل ذلك نزلاً لهم. ومثله قوله:
{ { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَـٰمِ ثَمَـٰنِيَةَ أزواجٍ } [الزمر: 6]. { فِيهِ بَأْسٌ شدِيدٌ }، قوة شديدة يعني: السلاح للحرب. قال مجاهد: فيه جنة وسلاح يعني آلة الدفع وآلة الضرب، { وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ }، مما ينتفعون به في مصالحهم كالسكين والفأس والإبرة ونحوها، إذ هو آلة لكل صنعة، { وَلِيَعْلَمَ ٱللهُ }، أي: أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم هذه الأشياء ليتعامل الناس بالحق والعدل وليعلمَ الله وليرى الله، { مَن ينصُره }، أي دينه, { وَرُسُلَهُ بِٱلغَيْبِ }، أي: قام بنصرة الدين ولم ير الله ولا الآخرة، وإنما يحمد ويثاب من أطاع الله بالغيب, { إنَّ ٱللهَ قويٌّ عَزِيزٌ }، قوي في أمره، عزيز في ملكه.