التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
-المجادلة

معالم التنزيل

قوله عز وجل: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَـٰجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَٰكُمْ صَدَقَةً }، أمام مناجاتكم، قال ابن عباس: وذلك أن الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثروا حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف على نبيه ويثبطهم ويردعهم عن ذلك فأمرهم أن يقدموا صدقةً على المناجاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقال مقاتل بن حيان: نزلت في الأغنياء، وذلك أنهم كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره النبي صلى الله عليه وسلم طول جلوسهم ومناجاتهم، فلما رأوا ذلك انتهوا عن مناجاته, فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئاً وأما أهل الميسرة فضنوا واشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الرخصة.

قال مجاهد: نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا, فلم يناجه إلا علي رضي الله عنه, تصدق بدينار وناجاه، ثم نزلت الرخصة فكان علي رضي الله عنه يقول: آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية المناجاة.

وروي عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما ترى ديناراً؟ قلت: لا يطيقونه، قال: فكم قلت: حبة أو شعيرة، قال: إنك لزهيد, فنزلت: { ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَٰكُمْ صَدَقَـٰتٍ }، قال علي رضي الله تعالى عنه: فبي قد خفف الله عن هذه الأمة.

{ ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُم }، يعني: تقديم الصدقة على المناجاة، { وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }، يعني الفقراء الذين لا يجدون ما يتصدقون به معفو عنهم.