التفاسير

< >
عرض

لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٢٢
-المجادلة

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ }، الآية. أخبر أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكفار وأن من كان مؤمناً لا يوالي من كفر، وإن كان من عشيرته.

قيل: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة وسيأتي في سورة الممتحنة، إن شاء الله عزّ وجلّ.

وروى مقاتل بن حيان عن مرة الهَمْداني عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قال: { ولو كَانُوۤاْ ءَابَآءَهُمْ } يعني: أبا عبيدة بن الجراح، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد "أو أبناءهم"، يعني: أبا بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز، وقال: يا رسول الله دعني أكن في الرحلة الأولى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَتِّعْنا بنفسك يا أبا بكر" . "أو إخوانهم" يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد "أو عشيرتهم" يعني عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر، وعلياً وحمزة وعبيدة قتلوا يوم بدر عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة.

{ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَـٰن }، أثبت التصديق في قلوبهم فهي موقنة مخلصة, وقيل: حكم لهم بالإيمان فذكر القلوب لأنها موضعه { وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه }، قواهم بنصر منه. قال الحسن: سمى نصره إياهم روحاً لأن أمرهم يحيا به. وقال السدي: يعني بالإيمان. وقال الربيع: يعني بالقرآن وحجته، كما قال: { { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } [الشورى: 52]، وقيل: برحمة منه. وقيل: أمدّهم بجبريل عليه السلام. { وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا رَضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }.