{ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ }, وكان الأمر كذلك، فإنهم أخرجوا من ديارهم فلم يخرج المنافقون معهم، وقوتلوا فلم ينصروهم:
قوله تعالى: { وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَٰرَ }، أي لو قدر وجود نصرهم. قال الزجَّاج: معناه لو قصدوا نصر اليهود لولوا الأدبار منهزمين، { ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ }، يعني بني النضير لا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصرهم.
{ لأَنتُمْ }, يا معشر المسلمين، { أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱلله }، أي يرهبونكم أشد من رهبتهم من الله، { ذلكَ }، أي ذلك الخوف منكم، { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون }، عظمة الله.
{ لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ }، يعني اليهود، { جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرىً مُحْصَنَةٍ }، أي لا يبرزون لقتالكم إنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى والجدران، وهو قوله: { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ }، قرأ ابن كثير وأبو عمرو: "جدار" على الواحد، وقرأ الآخرون "جُدُر" بضم الجيم والدال على الجمع. { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ }، أي: بعضهم فظٌّ على بعض, وعداوة بعضهم بعضاً شديدة. وقيل: بأسهم فيما بينهم من وراء الحيطان والحصون شديد، فإذا خرجوا لكم فهم أجبن خلق الله، { تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى }، متفرقة مختلفة، قال قتادة: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم، مختلفة شهادتهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق. وقال مجاهد: أراد أن دين المنافقين يخالف دين اليهود. { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }.